شرح و فوائد الحديث : ( قال أنس : وشهدت وليمة زينب فأشبع الناس خبزا ولحما ... ) . حفظ
الشيخ : وفيه يقول قال أنس وشهدت وليمة زينب فأشبع الناس خبزا ولحما، من؟ الرسول عليه الصلاة والسلام فهنا اختلفت وليمة زينب عن وليمة صفية، وليمة صفية كانت حيسا تمر وأقط وسمن، أما هذا فهو لحم وخبز، وذلك أن الوليمة تكون حسب المتيسر كما قال الله تعالى (( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله )) كل بحسبه كما أن المهر أيضا يكون من كل أحد بحسبه، فكان صداق النبي عليه الصلاة والسلام لزوجاته اثنتي عشرة أوقية والرجل الذي أخبره أن صداقه كان أربع أواق أنكر عليه عليه الصلاة والسلام، المهم أن مثل هذه الأمور ينبغي للإنسان أن يراعي بها الحال، وأن لا يتكلف ما لا يحتمل حتى إنه جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يذل الرجل نفسه، قالوا كيف يذل نفسه؟ قال يتكلم بما لا يمكنه أن يتخلص منه، هذا هو الحديث أو معناه، وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام إياك أن تفعل ما يكون سببا لإذلال نفسك، سواء كان في الأفعال أو في الأقوال، والإحجام خير من الإقدام، لأن الإنسان إذا احجم فقد ملك الزمام لكن إذا أقدم مُلك ولم يتمكن من التراجع، وهذه قاعدة ينبغي للإنسان أن يسير عليها في حياته، لا يقدم إلا حيث يرى الإقدام مصلحة وإن تساوى الأمران فالإحجام خير وإن ترجح الإحجام فالإحجام خير، وفيه أيضا يقول تخلف رجلان استأنس بهما الحديث لم يخرجا ولكن الآية نزلت (( فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق )) فأدب الله عز وجل الصحابة رضي الله عنهم أنهم إذا انتهوا من الطعام فإنهم لا يجلسون، قال ولا مستأنسين لحديث ثم علل بقوله (( إن ذلكم كان يؤذي النبي )) فيؤخذ من هذه العلة أن الإنسان إذا انتهى من الطعام عند من دعاه وجلس برغبة صاحب المحل فإنه لا بأس به، لكن ما هو الأصل؟ الأصل الخروج، حتى في غير الطعام، حتى لو دعاك إلى قهوة وشاي وانتهت القهوة والشاي فإن الأفضل أن تخرج، حتى تكون خفيفا عند الناس لا يقال فلان إذا دخل البيت ما خرج إلا بالإخراج، خلّك خفيف، واستأذن ثم إن طلب منك صاحب المحل أن تبقى ورأيت في ذلك مصلحة ابق، لكن بعض الناس ما شاء الله إذا دعوته ولو إلى قهوة وشاي وانتهى من القهوة والشاي تبسط في الحديث حتى تتعب منه وكأنه على رأسك، أيش الفايدة من هذا؟ لا فائدة، إذا انتهى الذي دعيت إليه فاستأذن، وقوله تبارك وتعالى (( إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم )) ولم يقل يضره لأنه لا يضره ولكن يتأذى به ولا يرغبه وفي قوله (( فيستحيي منكم )) دليل على حياء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وصف بأنه أحيى من العذراء في خدرها، فهو صلى الله عليه وسلم ذو حياء عظيم، لكنه لا يستحيي من الحق، وفي قوله (( والله لا يستحيي من الحق ))، إثبات الحياء لله عز وجل، في قوله والله لا يستحيي من الحق إثبات الحياء لله عز وجل وقد جاء في القرآن مثل هذا فقال تعالى (( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة )) وجه الإستدلال أنه إذا كان لا يستحيي من الحق فمعناه أنه عز وجل لا يتكلم بالباطل، ولا يقر الباطل، وفيه أيضا ثبوت الحجاب أو نزول الحجاب في السنة السادسة من الهجرة، وهذا هو المشهور عند أهل العلم وأن النساء قبل ذلك لا يحتجبن لكن نزل الحجاب متأخرا، وذكرت لكم أن الأحاديث الواردة في جواز كشف الوجه إذا صحت فإنها تحمل على ما كان قبل وجوب الحجاب، وفي قوله تعالى (( لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ))، نقول هل بيوت غيره مثل بيوته؟ الجواب: نعم، لقوله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ))، نعم.