الكلام على مسألة إجابة الدعوة و شروطها . حفظ
الشيخ : كنا نريد أن نتكلم على مسألة الإجابة، إجابة الدعوة، إجابة الدعوة كما مر علينا في الأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بإجابة الدعوة وأخبر أن إجابة الدعوة من الحق المسلم على المسلم لكنه لا بد من شروط، الشرط الأول أن يكون الداعي مسلما، فإن كان غير مسلم لم تجب الإجابة لأن غير المسلم ليس له حق على المسلم، والشرط الثاني أن يكون كسبه حلالا، فإن كان كسبه حراما فإن الإجابة لا تجب، ولكن هل تجوز؟ ينظر إن كان حراما لعينه فإنه لا يجيب، مثل أن يغصب رجل شاة ثم يذبحها ويدع الناس إليها فهنا لا يجيب لأنه يأكل مالا حراما بعينه، وإن كان محرما لكسبه كما لو كان الإنسان الداعي ممن يتعامل بالربا أو بالغش أو ما أشبه ذلك، فهنا نقول الإجابة جائزة وليست بمحرمة ولا واجبة، دليل هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة اليهود، واليهود معروفون بأنهم أكّالون للسحت آخذون للربا، ومع هذا أجابهم عليه الصلاة والسلام، ولأن هذا ليس حراما بعينه ولكن حرام بفعل الفاعل، فيكون حراما على الفاعل فقط، وبناء على ذلك لو انتقل هذا المال إلى الورثة فإنه حلال لهم، لأن الإثم على كاسبه، الشرط الثالث أن يعينه فيقول يا فلان ادعوك للوليمة فإذا لم يعينه بأن قال أيها الناس تفضلوا فهنا لا تجب الإجابة، لكن هل تكره أو لا؟ الصحيح أنها لا تكره وأنه لا حرج على الإنسان أن يدخل في عموم الناس وأن يجيب، كم شرطا؟ الشرط الرابع أن لا يكون في المكان منكر، فإن كان في المكان منكر نظر إن كان حضوره يزيل المنكر وجب عليه الحضور من أجل إجابة الدعوة ومن أجل إزالة المنكر، وإن كان لا يستطيع أن يزيله ولا أن يخفف منه فإنه يحرم عليه الإجابة لأنه يلزم من إجابته أن يقعد مع الذين يعصون الله عز وجل، والله تبارك وتعالى يقول (( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلهم )) إن قعدتم معهم فإنكم مثلهم، وقال عز وجل (( وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين )) وكذلك أيضا لو دعيت وأنت لا تعلم وفي أثناء مجيئك حصل المنكر ولم تقدر على تغييره نقول هنا لا تقعد بعد العلم مع القوم الظالمين، كما قال تعالى (( فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين )) اشترط العلماء أيضا لوجوب الإجابة أن لا يكون في اليوم الثاني أو الثالث، وهذا ينبغي أن يقال فيه تفصيل، إذا كان الرجل دعا في اليوم الثاني من لم يدعهم في اليوم الأول لضيق المكان وما أشبه ذلك فالظاهر أن الإجابة واجبة حتى في اليوم الثاني والثالث، لكن إذا كان إنما زاد يوما أو يومين رياء وسمعة فإنه لا تجب إجابته ولا ينبغي أن يشجع أيضا على الإجابة، هذا في الشرط الخامس أيضا أن لا يكون الداعي ممن يجب هجره، فإن كان ممن يجب هجره حرمت الإجابة كصاحب البدعة الذي يدعو الناس إليها، وكذلك من جاهر بالمعصية على قول بعض العلماء فإنه لا يجاب لما في ذلك من الرضا بفعله وتغرير الناس به، لأن الناس إذا علموا أن فلانا أجاب دعوة فلان سروا به، ثم هل الإجابة واجبة في العرس وغيره؟ في هذا قولان للعلماء: منهم من يقول إن إجابة الدعوة خاصة في وليمة العرس وأما ما عداه فالإجابة سنة وليست بواجبة ومنهم من قال إنها واجبة في العرس وغيره إذا تمت الشروط التي ذكرناها، وينبغي أن يقال إنها في غير العرس سنة مؤكدة إلا إذا ترتب على عدم الإجابة محظور شرعي كما لو ترتب على عدم الإجابة قطيعة رحم بأن دعاه قريبه وقال فلان تفضل وأبى أن يجيب وحصل بذلك قطيعة رحم فهنا نقول الإجابة واجبة لما فيها من صلة الرحم وإلا فالأصل أنها سنة، فإن قال قائل: إذا كانت سنة وصار يترتب عليها شر فما حكم الإجابة؟ نقول لا يمكن أن تفعل السنة مع حصول الشر، لا يجيب، وأصل هذا في القيود أو هذه الشروط التي يشترطها العلماء أن الشريعة الإسلامية من أولها إلى آخرها إنما جاءت لتحقيق المصالح ولدرء المفاسد هذا هو أصل الدين الإسلامي فكل ما أخل بهذا الأصل فإنه ليس من الدين الإسلامي في شيء، نعم.