فوائد حديث : ( ... عن جابر بن عبد الله قال ثم دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد الناس جلوسا ببابه لم يؤذن لأحد منهم قال فأذن لأبي بكر فدخل ثم أقبل عمرفاستأذن فأذن له فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا حوله نساؤه واجما ساكتا قال فقال لأقولن شيئا أضحك ... ). حفظ
الشيخ : هذا أوفى، هذا السياق أوفى من السياق الذي قبله وفيه فوائد: منها أنه لا يحل لأحد أن يدخل على أحد إلا بعد أن يأذن له في الدخول مهما كان قربه منه، كما قال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ))، ومن فوائده أنه لا بأس أن يجلس الناس عند الباب لانتظار الإذن كما فعل الصحابة رضي الله عنهم، ومن فوائده فضيلة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعلو منزلته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعلم أنه يجب علينا أن كل إنسان له منزلة عالية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجب أن يكون له منزلة عالية عندنا، لأننا إنما نحب في الله وبالله فإذا كنا نحب لذلك فمن أحبه الرسول عليه الصلاة والسلام أكثر كان لزاما علينا أن نحبه أكثر، ومنها أيضا فضيلة عمر رضي الله عنه وبيان منزلته عند النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لما استأذن أذن له، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر يصيبه ما يصيب البشر من الإنقباض وعدم الإنشراح والسرور، لقوله فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا حوله نساؤه واجما ساكتا، لأنه في نفسه شيء من الهم والغم وسببه ما سيذكر فيما بعد، ومنها أنه ينبغي لمن رأى من أخيه مثل هذه الحال أن يقوم بما يدخل عليه السرور والضحك لقول عمر لأقولن شيئا أضحك النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها جواز المداعبة التي يكون بها الضحك وأنها من إدخال السرور على أخيك لا سيما إذا وجدته في حال غير طبيعية، ومنها من فوائد هذا الحديث المصادفة العجيبة أن عمر سألته زوجته النفقة يعني هي بنت خارجة والنبي صلى الله عليه وسلم كان أزواجه يسألنه النفقة وهذه من المصادفات الغريبة، ومنها جواز ضرب المرأة إذا سألت ما لا يلزم زوجها فعله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عمر بل ضحك لما فعله حيث أخبره أنه وجأ عنقها أي ضربه بشدة، فإن قال قائل إن الله سبحانه وتعالى لم يبح الضرب إلا في المرتبة الثالثة حيث قال (( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن )) قلنا هذا في الحال الدائمة والمستمرة فتعالج بهذا العلاج أما فعل شيء حادث يحتاج إلى تأديب فلا بأس أن ينتقل الإنسان إلى أيش؟ إلى الضرب، ومن فوائد هذا الحديث جواز الضحك وأنه ليس خارما للمروءة، وإن كان أكثر ما يقع من النبي صلى الله عليه وسلم التبسم لكنه قد يضحك أحيانا كما في هذا الحديث، فإن قال قائل لم ضحك النبي عليه الصلاة والسلام هل هو لمطالبة الزوجة بالنفقة أو لكون زوجها وجأ عنقها؟ الظاهر الثاني ووجه الضحك هو شدة عمر رضي الله عنه، شدة عمر على أهله ومن فوائد هذا الحديث جواز ذكر الواقعة المشابهة من أجل تسلية الآخرين، وجهه يا يحيى؟
الطالب : ...
الشيخ : أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى لعمر ما حدث من أزواجه وهو يشبه ما حدث من زوجة عمر رضي الله عنه، ومن فوائد هذا الحديث أن إقرار النبي صلى الله عليه وسلم على الشيء يدل على جوازه، يؤخذ من كون أبي بكر قام فوجأ عنق عائشة نعم كيف؟ لا، نعم؟ من كون النبي صلى الله عليه وسلم من كون أبي بكر قام فوجأ عنق عائشة وجه الدلالة أن الرسول عليه الصلاة والسلام أقر عمر على فعله حتى ضحك منه، وكذلك فعل عمر بابنته حفصة حيث وجأ عنقها، ومن فوائد هذا الحديث أنه ينبغي للإنسان ذكر السبب الحامل له على الفعل، يعني إذا أدبت شخصا فلا بد أن تذكر السبب الحامل لك على تأديبه حتى يقتنع من وجه وحتى لا يعود لمثله من وجه آخر، وجه ذلك قوله في الحديث ( تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده؟ ) لأنه لما قام كل واحد منهما فوجأ عنق ابنته بين السبب أنهما سألتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده، ومن فوائد هذا الحديث أنه لا فسخ للمرأة بإعسار الزوج، وجه الدلالة أنه لو كان لها الفسخ بإعساره لكانت مطالبتهن بالنفقة مع الإعسار أيش؟ نعم، لكان مطالبتهن بذلك لا حاجة إليه إذ أن المقصود المطالبة وهذه المسألة اختلف العلماء فيها، وهي على وجهين: الوجه الأول أن تتزوج المرأة الرجل وهي تعرف عسرته فهذه لا خيار لها، ولا يقول قائل إن النفقة تتجدد كل يوم فهي وإن رضيت في اليوم الأول لها أن تطالب في اليوم الثاني، نقول لا، لا يرد علينا هذا لأن الإعسار عيب وقد رضيت به عند العقد فلا مطالبة، لكن لو حدث الإعسار بعد الغنى بأن تزوجها وهو غني ثم بعد ذلك أعسر فهل لها أن تفسخ النكاح؟ في هذا قولان للعلماء، والصواب أنه لا فسخ لها، لعموم قول الله تعالى (( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا )) ولأن الغني لو أعسر بنفقة الغني لم يكن لزوجته أن تفسخ لإعساره بنفقة الغني، فكذلك الفقير إذا أعسر بنفقة الفقير فإنه لا فسخ لزوجته، ولأن هذا الباب لو فتح لحصل به فساد، والمال كما تعلمون يذهب وأيش؟ ويرجع، كم من إنسان هو فقير اليوم هو غني في الغد أو بالعكس، ومن فوائد هذا الحديث جواز القسم بدون استقسام لتأكيد الخبر، وذلك في قولهن والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا ليس عنده، فإن قال قائل: هل أنتم تجيزون هذا على الإطلاق؟ الجواب لا، لا نجيزه على الإطلاق لكن نجيزه في الإستقسام حينما تدعو الحاجة إلى القسم، إما ليطمئن المخاطب أو لغير ذلك من الأسباب، ومنها جواز اليمين بدون استثناء لقولهن والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا ليس عنده، فإن قال قائل ما وجه الدلالة من الحديث في المسألتين أي في جواز الإستقسام بدون قسم وفي جواز القسم بدون استثناء هل هو مجرد فعل عائشة وحفصة رضي الله عنهما أو لسبب آخر؟ قلنا لسبب آخر وهو إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهما على ذلك، ومن فوائد هذا الحديث جواز اعتزال النساء تأديبا لهن لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتزلهن شهرا، وهذا يؤيد ما ذكرنا من قبل أن الإعسار بالنفقة لا يعطي المرأة حرية الفسخ، وإلا لما استحقت النساء أن يعزرن بالإعتزال، وقوله شهرا أو تسعا وعشرين يوما، ليس هذا شكا فيما يظهر، وذلك أن الشهر الذي كان فيه الإيلاء كان تسعا وعشرين فإن الرسول عليه الصلاة والسلام نزل من مشربته بعد تمام تسع وعشرين وقال ( إنما الشهر تسع وعشرون ) فيكون الرسول عليه الصلاة والسلام علم أن ذاك الشهر المعين كان تسعا وعشرين وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( الشهر هكذا وهكذا وهكذا فأتم أصابعه الخمسة ) وفي مرة قال وهكذا وقبض أحد أصابعه أي تسعة وعشرين وهذا هو الواقع، ومن فوائد هذا الحديث إثبات أن نزول القرآن الكريم يكون على وجهين: ابتدائيا وسببيا، لقوله ثم نزلت عليه هذه الآية (( يا أيها النبي )) إلى آخره، ففي هذا بيان سبب نزول الآية، واعلم أن سبب النزول له فوائد كثيرة من أهمها معرفة المعنى المراد، اقرأ قول الله تعالى (( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما )) يبدو لك أن قوله لا جناح يفيد بأن السعي أدنى ما يقال فيه أنه جائز مع أنه ركن أو واجب من واجبات الحج أو العمرة، لكن إذا عرفت سبب النزول وهو أن الصحابة تحرجوا عن السعي بينهما من أجل صنمين عليهما تبين لك أن رفع الجناح ليس لبيان الإباحة، ولكنه لرفع التحرج الحاصل من الصحابة رضي الله عنهم، ويؤيد هذا أنه قال (( من شعائر الله )) وقد قال الله تعالى (( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )) المهم أن معرفة السبب يعين على معرفة المعنى المراد، وأيضا معرفة سبب النزول يدل على أن الله تعالى تكلم بالقرآن الكريم عند إنزاله لأنه إذا كان له سبب فالسبب لا بد أن يتقدم على أجيبوا؟ على المسبب فيكون في هذا دليل على أن الله سبحانه وتعالى يتكلم بالقرآن بعد إنزاله، ويتفرع على هذا أيضا أن الكلام كلام الله عز وجل من صفات الأفعال باعتبار آحاده، وهو من صفات الذات باعتبار أصله، فإذا قال لك قائل: هل كلام الله من صفاته الفعلية أو الذاتية؟ ففصل قل أما أصل كونه متكلما فهو من الصفات الذاتية لأنه عز وجل لم يزل ولا يزال متكلما كما أنه لم يزل ولا يزال خالقا وهو كلما خلق شيئا قال له كن فيكون، فعلى هذا يكون الكلام في أصله عبد الله، عبد الله .. ، وباعتبار آحاده من الصفات الفعلية لأنه يتعلق بمشيئته متى شاء تكلم ومتى شاء لم يتكلم، وفي الحديث ( وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها )، وأما الآيات فإنه لم يسقها الراوي ولكنه قال حتى بلغ للمحسنات منكن أجرا عظيما، ومن فوائد هذا الحديث بيان منزلة عائشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث بدأ بها في التخيير مع أنها أصغر نسائه لكن لها منزلة عنده عليه الصلاة والسلام لا يساويها أحد، ومن فوائده فقه عائشة رضي الله عنها وفضلها ومنقبتها حيث إنها قالت يا رسول الله أفيك أستشير أبوي؟ يعني هذا مستحيل والإستفهام هنا بمعنى النفي يعني لا يمكن أن أستشير أبوي فضلا عمن وراءهما ومن دونهما فيك، ومن فوائد هذا الحديث جواز ما يمنع من الشيء الذي يشفق عليه ويخاف منه جواز فعل ما يمنع من ذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام خاف أن تتعجل عائشة رضي الله عنها فتختار نفسها فقال لها عليه الصلاة والسلام ( لا تعجلي أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك ) فإذا خفت من شخص أن يتعجل في أمر تكرهه فقيد ذلك قل مثلا شاور فلانا، استخر الله، انتظر وما أشبه ذلك، ومن فوائد الحديث أيضا فقه عائشة رضي الله عنها حيث قالت: لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت لكن كيف كان هذا فقها؟ نعم؟
الطالب : ..
الشيخ : هذا احتمال، احتمال آخر أن لا يقتدين بها فيخترن الرسول، لكن هذا عندي أنه بعيد ولكن فيه بحث، لأنه لو أخبرهن بما قالت عائشة لكنّ تبعا لها، فإذا لم يخبرهن فربما تختار واحدة منهن الدنيا وزينتها، ففيه احتمال هذا وهذا، احتمال أنها تريد أن يكتم الرسول عليه الصلاة والسلام عن نسائه منقبة عائشة ومزيتها وفضلها واحتمال أن أيش؟ أن يقتدين بها فيخترن الله ورسوله، ولعلنا نرجع إليها في الشرح، ومن فوائد هذا الحديث أنه إذا استكتمك أحد حديثا تكون المصلحة في بيانه فبينه ولو استكتمك فيه، لقول النبي عليه الصلاة والسلام ( لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها ) مع أنها تقول أسألك أن لا تخبر امرأة، ومن هذا النوع قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين قال ( أفلا أبشر الناس قال لا تبشرهم فيتكلوا ) لكنه في آخر حياته أخبر الناس تأثما، ومن فوائد هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بالصراحة والبيان ليس عليه الصلاة والسلام معنتا ولا متعنتا يعني هو لا يعنت غيره ولا يتعنت على نفسه والعنت هو المشقة، فيتبين بهذا أن هذا الدين الذي بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم دين البيان والوضوح وعدم الإلتواء يمينا وشمالا، ولهذا قال ( ولكن بعثني معلما ميسرا ) صلوات الله وسلامه عليه، انظر الشرح، لماذا قالت عائشة؟ عبد الرحمن؟
القارئ : النووي؟
الشيخ : النووي أي.
القارئ : ما ذكر شيئا.
الشيخ : ما ذكر شيء؟! راجع جزاك الله الخير، ما ذكر شيء؟
القارئ : ما ذكر شيء.
الشيخ : نعم.
الطالب : ...
الشيخ : أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى لعمر ما حدث من أزواجه وهو يشبه ما حدث من زوجة عمر رضي الله عنه، ومن فوائد هذا الحديث أن إقرار النبي صلى الله عليه وسلم على الشيء يدل على جوازه، يؤخذ من كون أبي بكر قام فوجأ عنق عائشة نعم كيف؟ لا، نعم؟ من كون النبي صلى الله عليه وسلم من كون أبي بكر قام فوجأ عنق عائشة وجه الدلالة أن الرسول عليه الصلاة والسلام أقر عمر على فعله حتى ضحك منه، وكذلك فعل عمر بابنته حفصة حيث وجأ عنقها، ومن فوائد هذا الحديث أنه ينبغي للإنسان ذكر السبب الحامل له على الفعل، يعني إذا أدبت شخصا فلا بد أن تذكر السبب الحامل لك على تأديبه حتى يقتنع من وجه وحتى لا يعود لمثله من وجه آخر، وجه ذلك قوله في الحديث ( تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده؟ ) لأنه لما قام كل واحد منهما فوجأ عنق ابنته بين السبب أنهما سألتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده، ومن فوائد هذا الحديث أنه لا فسخ للمرأة بإعسار الزوج، وجه الدلالة أنه لو كان لها الفسخ بإعساره لكانت مطالبتهن بالنفقة مع الإعسار أيش؟ نعم، لكان مطالبتهن بذلك لا حاجة إليه إذ أن المقصود المطالبة وهذه المسألة اختلف العلماء فيها، وهي على وجهين: الوجه الأول أن تتزوج المرأة الرجل وهي تعرف عسرته فهذه لا خيار لها، ولا يقول قائل إن النفقة تتجدد كل يوم فهي وإن رضيت في اليوم الأول لها أن تطالب في اليوم الثاني، نقول لا، لا يرد علينا هذا لأن الإعسار عيب وقد رضيت به عند العقد فلا مطالبة، لكن لو حدث الإعسار بعد الغنى بأن تزوجها وهو غني ثم بعد ذلك أعسر فهل لها أن تفسخ النكاح؟ في هذا قولان للعلماء، والصواب أنه لا فسخ لها، لعموم قول الله تعالى (( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا )) ولأن الغني لو أعسر بنفقة الغني لم يكن لزوجته أن تفسخ لإعساره بنفقة الغني، فكذلك الفقير إذا أعسر بنفقة الفقير فإنه لا فسخ لزوجته، ولأن هذا الباب لو فتح لحصل به فساد، والمال كما تعلمون يذهب وأيش؟ ويرجع، كم من إنسان هو فقير اليوم هو غني في الغد أو بالعكس، ومن فوائد هذا الحديث جواز القسم بدون استقسام لتأكيد الخبر، وذلك في قولهن والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا ليس عنده، فإن قال قائل: هل أنتم تجيزون هذا على الإطلاق؟ الجواب لا، لا نجيزه على الإطلاق لكن نجيزه في الإستقسام حينما تدعو الحاجة إلى القسم، إما ليطمئن المخاطب أو لغير ذلك من الأسباب، ومنها جواز اليمين بدون استثناء لقولهن والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا ليس عنده، فإن قال قائل ما وجه الدلالة من الحديث في المسألتين أي في جواز الإستقسام بدون قسم وفي جواز القسم بدون استثناء هل هو مجرد فعل عائشة وحفصة رضي الله عنهما أو لسبب آخر؟ قلنا لسبب آخر وهو إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهما على ذلك، ومن فوائد هذا الحديث جواز اعتزال النساء تأديبا لهن لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتزلهن شهرا، وهذا يؤيد ما ذكرنا من قبل أن الإعسار بالنفقة لا يعطي المرأة حرية الفسخ، وإلا لما استحقت النساء أن يعزرن بالإعتزال، وقوله شهرا أو تسعا وعشرين يوما، ليس هذا شكا فيما يظهر، وذلك أن الشهر الذي كان فيه الإيلاء كان تسعا وعشرين فإن الرسول عليه الصلاة والسلام نزل من مشربته بعد تمام تسع وعشرين وقال ( إنما الشهر تسع وعشرون ) فيكون الرسول عليه الصلاة والسلام علم أن ذاك الشهر المعين كان تسعا وعشرين وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( الشهر هكذا وهكذا وهكذا فأتم أصابعه الخمسة ) وفي مرة قال وهكذا وقبض أحد أصابعه أي تسعة وعشرين وهذا هو الواقع، ومن فوائد هذا الحديث إثبات أن نزول القرآن الكريم يكون على وجهين: ابتدائيا وسببيا، لقوله ثم نزلت عليه هذه الآية (( يا أيها النبي )) إلى آخره، ففي هذا بيان سبب نزول الآية، واعلم أن سبب النزول له فوائد كثيرة من أهمها معرفة المعنى المراد، اقرأ قول الله تعالى (( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما )) يبدو لك أن قوله لا جناح يفيد بأن السعي أدنى ما يقال فيه أنه جائز مع أنه ركن أو واجب من واجبات الحج أو العمرة، لكن إذا عرفت سبب النزول وهو أن الصحابة تحرجوا عن السعي بينهما من أجل صنمين عليهما تبين لك أن رفع الجناح ليس لبيان الإباحة، ولكنه لرفع التحرج الحاصل من الصحابة رضي الله عنهم، ويؤيد هذا أنه قال (( من شعائر الله )) وقد قال الله تعالى (( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )) المهم أن معرفة السبب يعين على معرفة المعنى المراد، وأيضا معرفة سبب النزول يدل على أن الله تعالى تكلم بالقرآن الكريم عند إنزاله لأنه إذا كان له سبب فالسبب لا بد أن يتقدم على أجيبوا؟ على المسبب فيكون في هذا دليل على أن الله سبحانه وتعالى يتكلم بالقرآن بعد إنزاله، ويتفرع على هذا أيضا أن الكلام كلام الله عز وجل من صفات الأفعال باعتبار آحاده، وهو من صفات الذات باعتبار أصله، فإذا قال لك قائل: هل كلام الله من صفاته الفعلية أو الذاتية؟ ففصل قل أما أصل كونه متكلما فهو من الصفات الذاتية لأنه عز وجل لم يزل ولا يزال متكلما كما أنه لم يزل ولا يزال خالقا وهو كلما خلق شيئا قال له كن فيكون، فعلى هذا يكون الكلام في أصله عبد الله، عبد الله .. ، وباعتبار آحاده من الصفات الفعلية لأنه يتعلق بمشيئته متى شاء تكلم ومتى شاء لم يتكلم، وفي الحديث ( وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها )، وأما الآيات فإنه لم يسقها الراوي ولكنه قال حتى بلغ للمحسنات منكن أجرا عظيما، ومن فوائد هذا الحديث بيان منزلة عائشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث بدأ بها في التخيير مع أنها أصغر نسائه لكن لها منزلة عنده عليه الصلاة والسلام لا يساويها أحد، ومن فوائده فقه عائشة رضي الله عنها وفضلها ومنقبتها حيث إنها قالت يا رسول الله أفيك أستشير أبوي؟ يعني هذا مستحيل والإستفهام هنا بمعنى النفي يعني لا يمكن أن أستشير أبوي فضلا عمن وراءهما ومن دونهما فيك، ومن فوائد هذا الحديث جواز ما يمنع من الشيء الذي يشفق عليه ويخاف منه جواز فعل ما يمنع من ذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام خاف أن تتعجل عائشة رضي الله عنها فتختار نفسها فقال لها عليه الصلاة والسلام ( لا تعجلي أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك ) فإذا خفت من شخص أن يتعجل في أمر تكرهه فقيد ذلك قل مثلا شاور فلانا، استخر الله، انتظر وما أشبه ذلك، ومن فوائد الحديث أيضا فقه عائشة رضي الله عنها حيث قالت: لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت لكن كيف كان هذا فقها؟ نعم؟
الطالب : ..
الشيخ : هذا احتمال، احتمال آخر أن لا يقتدين بها فيخترن الرسول، لكن هذا عندي أنه بعيد ولكن فيه بحث، لأنه لو أخبرهن بما قالت عائشة لكنّ تبعا لها، فإذا لم يخبرهن فربما تختار واحدة منهن الدنيا وزينتها، ففيه احتمال هذا وهذا، احتمال أنها تريد أن يكتم الرسول عليه الصلاة والسلام عن نسائه منقبة عائشة ومزيتها وفضلها واحتمال أن أيش؟ أن يقتدين بها فيخترن الله ورسوله، ولعلنا نرجع إليها في الشرح، ومن فوائد هذا الحديث أنه إذا استكتمك أحد حديثا تكون المصلحة في بيانه فبينه ولو استكتمك فيه، لقول النبي عليه الصلاة والسلام ( لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها ) مع أنها تقول أسألك أن لا تخبر امرأة، ومن هذا النوع قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين قال ( أفلا أبشر الناس قال لا تبشرهم فيتكلوا ) لكنه في آخر حياته أخبر الناس تأثما، ومن فوائد هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بالصراحة والبيان ليس عليه الصلاة والسلام معنتا ولا متعنتا يعني هو لا يعنت غيره ولا يتعنت على نفسه والعنت هو المشقة، فيتبين بهذا أن هذا الدين الذي بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم دين البيان والوضوح وعدم الإلتواء يمينا وشمالا، ولهذا قال ( ولكن بعثني معلما ميسرا ) صلوات الله وسلامه عليه، انظر الشرح، لماذا قالت عائشة؟ عبد الرحمن؟
القارئ : النووي؟
الشيخ : النووي أي.
القارئ : ما ذكر شيئا.
الشيخ : ما ذكر شيء؟! راجع جزاك الله الخير، ما ذكر شيء؟
القارئ : ما ذكر شيء.
الشيخ : نعم.