فوائد حديث : ( ... حدثني عمر بن الخطاب قال لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه قال دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب ... ) حفظ
الشيخ : هذا أيضا فيه فوائد وآيات من آيات النبي صلى الله عليه وسلم، أولا يقول عمر رضي الله عنه لما اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه وتعلمون أن اعتزال النساء ليس بالأمر الهين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس عرفوا ذلك لأن هذا كان قبل الحجاب يعرفون أن النساء عند الرسول أو خارج بيته، دخل المسجد إلى آخره، يقول فإذا الناس ينكتون بالحصى، النكت بالحصى يعني تصويبها أي رفعها ثم يصوبها الإنسان وهذا يقع كثيرا فيما إذا كان الإنسان مهموما ومغموما، ومن النكت بمعنى الإشارة إلى أسفل قول جابر رضي الله عنه في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في عرفة قال فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إلى الناس، ففيه دليل على يعني من فوائد هذا الحديث نأخذها جملة جملة أنه لا حجر على الإنسان إذا كان مهموما أن يبدي من شعوره ما يدل على همه، كما فعل الصحابة رضي الله عنهم، ومن فوائد هذا الحديث اعتناء الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم لأن تطليق زوجاته ليس بالأمر الهين عندهم، ومن فوائد هذا الحديث أن الحجاب نزل متأخرا، وفي هذا فائدة عظيمة وهي أن كل نص من قرآن أو سنة يدل على جواز كشف الوجه للمرأة فإنه يحمل على ما قبل الحجاب وهذا جواب مجمل، ولذلك لا يمكن لأي إنسان أن يقيم دليلا على أن كشف الوجه كان بعد الحجاب إلا على وجه يكون فيه الإحتمال الآخر المضاد، وهذا جواب إجمالي، ومن فوائد هذا الحديث أن الشريعة لم تأت جملة واحدة وإنما أتت بالتدريج وهذا من حكمة الله عز وجل لأن الناس لو نزلت عليهم الشريعة جملة لشق عليهم هذا وربما لا يحصل منهم امتثال، لكن إذا كانت بالتدريج قبلوها شيئا فشيئا، فهل يقال إن هذا الحكم باق، بمعنى أننا إذا دعونا أحدا ندعوه بالأهم فالأهم؟ الظاهر نعم، الظاهر نعم، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث الدعاة ويقول مروا بكذا ثم إن أطاعوا فبكذا مع أنها عبادات ثابتة كما بعث معاذا رضي الله عنه في السنة العاشرة للهجرة إلى أهل اليمن وأمره أن يدعوهم إلى التوحيد ثم إلى الصلاة ثم إلى الزكاة، ومن فوائد هذا الحديث جواز قول الإنسان لأفعل كذا بدون ذكر المشيئة، لقوله لأعلمن ذلك اليوم، ولم يقيده بالمشيئة، وسبق نظيره في الحديث الذي قبله حين قلن لا نسأل النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك شيئا يعني أزواجه، فإن قيل كيف نجمع بين فعل الصحابة رضي الله عنهم وبين قوله تعالى (( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ))؟ الجواب: أن قول القائل لأفعلن كذا غدا إذا أراد به الإخبار عما في ضميره فهو جائز بدون أن يقول إن شاء الله لأنه خبر عن شيء واقع ليس عن شيء مستقبل، وإن أراد به أن يفعل أي أن يوقع الفعل فهذا لا بد أن يقول إن شاء الله لأنه لا يدري هل يقدر عليه أو لا وهل يفعله أو لا؟ فيكون هذا هو الجمع أنه إذا أراد الإخبار عما في نفسه فهو .. ولا يحتاج إلى مشيئة لأنه إخبار عن شيء واقع أما إذا أراد الفعل أي إيقاع الفعل فلا بد أن يقول إن شاء الله، ومن فوائد هذا الحديث جواز الإنكار على الغير أي على النساء مثلا وإن لم يكن من محارمهن، لأن عمر أنكر على عائشة رضي الله عنها مع أنه ليس محرما لها، ومن فوائد الحديث ذكاء عائشة وعقلها وجدلها في الدفاع عن نفسها لأنه لما قال لها ما قال، ماذا قالت له؟ قالت مالي ومالك يا ابن الخطاب عليك بعيبتك، تعني حفصة لأن حفصة بنته وعائشة بنت أبي بكر فكأنها تقول ابدأ بعيبتك التي لك القول عليها وهذا لا شك من ذكائها وعقلها وقوة حجتها وجدلها لكن بالحق، ومن فوائد ...