الفوائد حفظ
الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد :
منها بيان شجاعة هاذين الغلامين، والتعبير بالغلامين، يدل على أنهما صغار، لكن لا بد أن يكونا قد بلغا، لأنه لا يمكن أن يدخل في القتال إلا البالغ.
ومنها أن الإنسان قد يحتقر الشيء ولكنه يكون على خلاف ظنه، وعلى هذا فلا تحكم على الشيء حتى يتبين لك الأمر، ولا تحقرن أحداً حتى يتبين لك أمره . كم من مسالة يعرفها الأستاذ الذي بدرجة أستاذ من تلميذ في المتوسط.
ومنها بلاغة هاذين الغلامين، فانظر كيف أقسم أنه لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. أي حتى أقتله أو يقتلني.
ومنها بيان غيرة هاذين الغلامين، لأن الذي حملهما على قتله أنه كان يسب النبي صلى الله عليه وسلم . وسب النبي صلى الله عليه وسلّم لا شك أنه ردّة مُخرجٌ عن الإسلام .
واختلف أهل العلم هل تُقبل توبة من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو لا تُقبَل ؟ وسب الله أعظم بلا شك .
فمن العلماء من قال إن من سب الله أو رسوله لم تُقبل توبته ولو حسُنت حاله، بل يجب قتله مرتداً، فلا يُغَسل، ولا يُكَفّن، ولا يُدفن مع أموات المسلمين ، ومنهم من قال بل تُقبل توبته بكل حال، لعموم قول الله تبارك وتعالى في الآيات الكثيرة : أن كل من تاب تاب الله عليه.
ومنهم من قال أما التوبة فتُقبَل، وأما القتل فإن كان سبّ الله سقط قتله، لأنه تاب إلى الله وقد أخبر الله تعالى أنه يتوب على من تاب، وأما من سب النبي صلى الله عليه وسلّم فإنه يُقتَل، ولكنه يقتَل مسْلماً بعد أن يتوب، وهذا القول هو الراجح .
ووجه رجحانه أن القاعدة العامة أن من تاب من ذنب فإن الله يتوب عليه ، (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ))، ولقوله تعالى : (( والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقَ أثاماً * يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلا من تاب )). ولأن المشركين كانوا يسبون الله ورسوله، وقبل الله توبتهم، فإذا تاب، صار معصوم الدم، ففي حق الله يُرفع عنه القتل، لكن في حق الرسول صلى الله عليه وسلم، قتله أعني هذا الذي سب الرسول صلى الله عليه وسلم لحقّ الرسول، ولا نعلم إذا تاب يعفُ عنه الرسول صلى الله عليه وسلم أم لا ؟، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات ، فنحن نأخذ بالثأر لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ولشيخ الإسلام رحمه الله كتاب مجلد ضخم اسمه : " الصارم المسلول في تحتم قتل ساب الرسول ".
ومن فوائد هذا الحديث العمل بالقرينة، وجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم طلب أن يُحضر سيفيهما، من أجل أن ينظر الدم ، هل هو سيف واحد منهما أو في سيفيهما جميعاً. فقال : ( كلاكما قتله وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح ).
يحتاج أن ننظر إلى الشرح ؟.