تتمة الفوائد حفظ
الشيخ : وفيه أيضاً : العمل بالقرائن، كان أيضاً مشروعاً حتى فيمن سبق، فإن الذي حكم بين يوسف عليه السلام وبين امرأة العزيز قال : (( إن كان قميصه قُدّ من قُبُل فصدَقَت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قُدَّ من دبر فكذبت وهو من الصادقين ))، وهذا أمر مفطورٌ عليه الإنسان، أن القرائن لها أثرها، وربما تكون القرائن أقوى من البينة الظاهرة .
فيما لو تنازع الرجلان في آلة لا تصلح إلا لواحد منهما ، وهي بيد الآخر الذي لا تصلح له، فمن القول قوله ؟ .
قول من تصلح له ، كما لو تنازع نجار وحداد في آلة نجارة بيد الحداد، فالقرينة تدل على أنها للنجار. وكذلك قال العلماء لو اختلفت المرأة وزوجها في آنية البيت فادّعت الزوجة ما يصلح للرجل أنه لها، وقال الزوج بل هو لي، فالقرينة تدل على أنه للزوج.
ولو ادعى الزوج ما يكون للمرأة في العادة فإن القرينة أنه للمرأة .
وفيه حسْن خلق النبي صلى الله عليه وسلم في تطييب القلوب مع الصدق، فإن قوله : ( كلاكما قتله ) يعني في ثواب الآخرة، وهو حقٌّ وصدق، ولئلا ينكسر قلب الآخر فيقول إنه لما حرمني السلب فلا أجر لي. فطيب النبي صلى الله عليه وسلم قلبه بأنه قاتل.
وربما يذكر مسلم ، وإن لم يذكره نذكره إن شاء الله، ابن مسعود رضي الله عنه هو الذي حزّ رأسه وأتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وكان فيه رمَقٌ من الحياة ، فسأل أبو جهل ابن مسعود : من أنت ؟ قال : أنا عبد الله ابن مسعود! قال : لقد ارتقّيْتَ مُرْتَقاَ صعباَ يا رُوَيْع الغنم!. لمن الدائرة اليوم ؟ . يسأل لمن الدائرة اليوم وهو في سياق الموت ، قال : لله ورسوله، فزاده غمّاً إلى غمّه .