حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي شعيب بن الليث حدثني الليث بن سعد حدثني يزيد بن أبي حبيب عن بكر بن عمرو عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن أبي حجيرة الأكبر عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها حفظ
القارئ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْأَكْبَرِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ : قُلْتُ : ( يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ : فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا ).
الشيخ : هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم: يُحقّ الحق، ويُصرّح به، ولا يستحي منه،
أبو ذر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم الإمارة فضربه على منكبه، من أجل أن ينتبه أكثر، فإنه إذا ضرب على منكبه انتبه، ثم قال له : ( يا أبا ذر إنك ضعيف )، ومن شرط العمل القوة، لأن كل عمل لا بد فيه من أمرين: القوة، والأمانة. (( إن خير من استأجرت القوي الأمين )) ، ولم يقدح النبي صلى الله عليه وسلم في أمانته، ولكنه ضعيف، والأمارة تريد رجلاً قوياً، وإن كان أميناً لكنه لا يستطيع أن يقوم بالواجب. ثم قال : ( وإنها أمانة ) الله أكبر! وإذا كانت أمانة فلا يمكن ان أولّيَكَ وأنا أعلم أنك ضعيف. وهكذا والله الأمانة أل يولّى أحد على أي عمل إلا وهو أهلٌ لها في القوة، والأمانة، وتولية من ليس أحق من غيره خيانة، ان يولي الإنسان أحدا على شيء وفيه من هو خير منه في القيام بهذا الشيء يعتبر خيانة.
ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول إنها أمانة، يعني وإذا كانت أمانة فلا يمكن أن أوليك وأنا أعلم أنك ضعيف.
وفي هذا صراحة النبي صلى الله عيه وسلم، وأنه يقول الحق ويقابل به، ولو تأثر مُقابله، لأن أبا ذر سوف يتأثر، وفيه أيضاً دليل على أمانة الصحابة في النقل، لأن أبا ذر نقل هذا الوصف في نفسه، أليس كذلك ؟ هو كذلك أمانة الصحابة رضي الله عنهم أخذوها درساً من أمانة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أشد الناس أمانة ، وأقواهم فيها، حتى إن الله تعالى أنزل عليه آيات هي غاية في الأمانة، قال الله تعالى : (( وإذ تقول للذي أنعمَ الله عليه أنعمتَ عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مُبدسه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه )) تقول عائشة : ( لو أن محمداً كاتمٌ شيئاً مما أنزل الله عليه لكتم هذه الآية )، وصدقت.
الصحابة درسوا حياة النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله، فكانوا أمناء، وهم أعظم القرون أمناً رضي الله عنهم.
قال : ( وإنها يوم القيامة -أي الأمارة- خزيٌ وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها ) فهل يُلْحَق بالإمارة ما سواها من الولايات؟ الظاهر نعم، وعلى هذا فَيُخْشى على أولئك الذين يقدّمون شهادات مزيّفة، بالغش والرشوة وما أشبه ذلك، ثم يتولّون ولايات مبنية على هذه الشهادات فإنهم أخذوها بغير حق، وستكون يوم القيامة خزياً وندامة، وهذا من أكبر ما يُحذّر الناس من الغش في كل شيء حتى في الاختبارات وغيرها، فإنهم يأخذونها بغير حق.