فوائد حفظ
الشيخ : في هذا الحديث من الفوائد أنه ينبغي للإنسان أن يلبس أحسن ثيابه يوم الجمعة ، لأن يوم الجمعة يوم عيد ينبغي أن يخصص بأشياء تفيد الفرح والسرور .
وفيه أيضا التجمل للوفد إذا أتاك وفد لهم قيمتهم في مجتمعهم كالسادات المطاعين في عشائرهم فلتتجمل لهم فإن ذلك من هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، بمعنى أنه إذا كان عليك الثياب العادية فالبس ثيابا أخرى ثياب الجمال .
وفيه أيضا أن من لبس الحرير المخلوط بغيره فإنه يحرم عليه لأن السيراء يعني مخلوطة بحرير ، ولكن العلماء رحمهم الله قالوا إنه يباح علم الحرير إذا كان أربع أصابع فما دون مجتمعة ، وأما إذا كان مختلطا فينظر إلى الأكثر ، أفهمتم الكلام هذا ؟ .
يعني إذا كان مجتمعا في مكان فيباح منه أربع أصابع فما دون ، وإذا كان متفرقا فينظر إلى الأكثر ظهورا إن كان الأكثر الحرير صار حراما وإذا كان الأكثر ما خلط معه صار حلال ، الحلة السيراء إذا كانت سيورها الحريرية أضخم من السيور القطنية مثلا ، هل تحرم أو لا ؟ .
تحرم ، لأن هذا هو الأكثر وإن كان بالعكس حلت ، إذا كان أكثر الظاهر القطن أو الصوف أو ما أشبهه فتحل ، وإن تساوى الأمران صار الحكم متساويا بمعنى أننا نقول تجوز ولكن الورع تركه ، فقولنا يجوز لأن الأصل الحل ، وقولنا الورع لأن هذا الخليط ظاهر بين فالورع ترك ذلك .
وفيه أن لبس الحرير على الرجال من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( هذا لباس من لا خلاق له ) أي من لا نصيب له في الآخرة .
وفي الحديث أيضا دليل على أن الهبة على حسب نية الواهب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أعطاها عمر ظن عمر أنه يريد أن يلبسها ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنه لا يريد أن يلبسها يمكن يعطيها النساء أو يعطيها من يباح له لبس الحرير لحاجة أو ما أشبه ذلك ، عمر رضي الله عنه أعطاها أخا له مشركا في مكة .
فيستفاد من هذا أنه لا بأس أن يهدي الإنسان إلى أقاربه المشركين ، ولكن هل يهدي لهم ما كان حلالا لهم حراما على المسلم ؟ .
ظاهر الحديث نعم ، لأن عمر فعل هذا في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، والغالب أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلم بذلك فإن لم يكن يعلم فالله يعلم والله عز وجل لا يقر عباده على محرم .
بقي أن يقال هل يستفاد من هذا الحديث أن الكفار لا يخاطبون بفروع الإسلام ؟ .
نقول نعم ، بعض العلماء استدل بهذا الحديث على أن الكفار لا يخاطبون بفروع الإسلام ، يعني ما يلحقهم في تركها إن كانت واجبة ذم ولا في فعلها إن كانت محرمة ذم ، والصحيح أنهم مخاطبون بفروع الشريعة إذا كانوا يعتقدون تحريمه ، فمثلا لو أن هذا الكافر لم يزك ولم يصم هل يعاقب على هذا أو لا ؟ .
الجواب يعاقب لقوله تعالى : (( ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين )) بل نزيد على هذا أن الكافر يحاسب على الشيء المباح للمسلم ، كالطعام والشراب واللباس لقول الله تبارك وتعالى : (( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة )) ، نعم للذين آمنوا في الحياة الدنيا ، خالصة يوم القيامة وعلم من ذلك أنها ليست لغير المؤمنين ، وأنها ليست خالصة لهم أيضا يحاسبون عليها .
وكذلك مما يدل على ذلك قول الله عز وجل : (( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا )) فمفهوم الآية أن من ليس بمؤمن فعليه جناح ، والمعنى يقتضيه ، كيف تتمتع بنعم الله وتكفر به ؟.
فلهذا كان الأثر والنظر يدلان على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ، ولكن هل نلزمهم بها حال كفرهم ؟ .
لا ، هل نلزمهم بقضائها إذا أسلموا ؟ .
لا ، دليل هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يأمر المشركين بأن يأتوا بالفروع الشريعة ، ولا أمرهم بقضائها لما أسلموا .
إذًا الفائدة من قولنا أنهم مخاطبون زيادة عقابهم في الآخرة ، شوف لنا فوائد الحديث .