الكلام على هداية النبي صلى الله عليه وسلم وبيان ضلال اليهود والنصارى. حفظ
الشيخ : ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم خلفه في أمته خلفاؤه الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، ثم مازالت الأئمة، أئمة الدين والهدى في هذه الأمة يرثون شريعة محمد صلى الله عليه وسلم جيلا بعد جيل حتى بقيت ولله الحمد الشريعة ظاهرة نقية صافية لمن أراد الله عز وجل هدايته، لا يزيغ عنها إلا هالك والهالك كما قال الله تعالى فيه : (( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم )) وكان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعا الناس إليه وحثهم عليه هو صراط الله المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهؤلاء الأصناف هم الذين ذكرهم الله عز وجل في أم القرآن فاتحة الكتاب : (( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم )) من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فالناس في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام بل في شريعته ينقسمون إلى هؤلاء الأقسام الثلاثة : قسم أنعم الله عليهم، وقسم مغضوب عليهم، وقسم ضالون .
فمن الذين أنعم الله عليهم ؟ هم الذين علموا الحق وعملوا به وقبلوه ظاهرا وباطنا ولم يتبعوا أهواءهم ولم يتبعوا آباءهم على غير هدى من الله عز وجل إنما كانوا يتبعون ما دلت عليه كتب الله وما جاءت به رسله عليهم الصلاة والسلام يطبقون ذلك ظاهرا وباطنا في أعمال القلوب وعقائدها وأعمال الجوارح من الأقوال والأعمال هؤلاء هم الذين أنعم الله عليهم وقد ذكرهم الله تعالى أربعة أصناف في قوله : (( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين )) هؤلاء هم الذين أنعم الله عليهم أربعة أصناف : النبيون، والصديقون، والثالث الشهداء، والرابع الصالحون .لكن يجمعهم هذا التعريف أنهم علموا الحق وعملوا بالحق .
الطالب : اشرب ماء .
الشيخ : مشكورين جزاكم الله خير ...
أما القسم الثاني : فهم المغضوب عليهم الذين علموا الحق ولكن تنكبوا عنه كذبوا الخبر واستكبروا عن الأمر هؤلاء مغضوب عليهم كذبوا الخبر واستكبروا عن الأمر بعد أن علموا الحق وعرفوه وبان لهم وقامت الحجة عليهم فيه لكنهم تنكبوا ذلك وتركوه زهدا فيه واستكبارا عنه والعياذ بالله وأبين مثل لهم أولئك اليهود الذين علموا الحق ولكن تنكبوا عنه ولهذا قال سفيان بن عيينة رحمه الله : " من فسد من علماءنا ففيه شبه من اليهود " لأن اليهود علموا الحق ولكن تنكبوا عنه (( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم )) ولكن والعياذ بالله كفروا به واستكبروا عنه فصاروا مغضوبا عليهم .
أما الضالون وهم الصنف الثالث فهم : الذين جهلوا الحق، جهلوه ولم يعلموا عنه سواء كانوا معرضين لم يلتفتوا إلى طلب العلم وإلى طلب الحق أو كانوا غير معرضين لكن لم يوفق لهم الحق ولم ييسر الله لهم من يدلهم على الحق وأبرز مثال لذلك النصارى فإنهم كانوا ضالين ولكن المراد بالنصارى أيها الإخوة النصارى الذين كانوا قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام وحين بعثته، أما نصارى اليوم فقد علموا الحق وبان لهم ولكن صاروا كاليهود في رد الحق والاستكبار عنه وعدم الرضوخ له فاستحقوا أن يكونوا مغضوبا عليهم وما كان اليهود مغضوبا عليهم ولهذا يجب أن نعلم أن الوصف إذا استحقه جنس من الناس فإن هذا الوصف لا يكون دائما وصفا لهم لأن حالهم قد تتغير فهؤلاء النصارى الذين كانوا قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام لا يعرفون عن الحق شيئا لأن أحبارهم ورهبانهم أضلوهم لكن بعد أن بعث الرسول عليه الصلاة والسلام وبان لهم الحق ولكنهم تنكبوا عنه لا يصح أن نصفهم بأنهم ضالون بل نقول هم مغضوب عليهم إذ لا فرق بينهم وبين اليهود الذين علموا الحق ولكن تنكبوا عنه ولم يعملوا به.