ذكر المسائل التي لا يسوغ فيها الخلاف حفظ
الشيخ : أما الشيء الذي لا يمكن الاجتهاد فيه وهو الذي دلت عليه النصوص دلالة واضحة فهذا لا يمكن أن نقره، أو دل عليه إجماع السلف فهذا لا يمكن أن نقره مثلا لو قال قائل : إن الله عز وجل يقول في كتابه العزيز : (( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء )) وقال جل وعلا يخاطب إبليس : (( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي )) لو قال قائل : المراد باليدين النعمة أو القدرة أو ما أشبه ذلك هل نوافقه على اجتهاده ونقره ؟ الجواب : لا، لماذا ؟ لأن النص صريح في هذا صريح واضح وإذا جاز لنا أن نؤول مثل هذا النص فليجز لنا أن نؤول حتى نصوص الصلاة والصيام والحج كما فعل الفلاسفة أهل التخييل لما رأوا هؤلاء حرفوا مثل هذه الآيات الصريحة قاولا إذا نحن نحرف الآيات الأخرى قالوا المراد بالصلاة المراد بها معرفة أسرار مشائخهم أن الإنسان يطلع على أسرار الشيوخ ما هو يصلي لله يركع ويسجد هذه الصلاة الصيام هو الإمساك معنى الصيام أن تكتم أسرار هؤلاء الشيوخ والأولياء لا تخبر بها أحدا، الحج، الحج هو القصد معنى الحج أن تقصد الألولياء الذين يسمونهم أولياء والشيوخ وتدعوهم لماذا تسلطوا حتى حرفوا هذه النصوص الصريحة ؟ قالوا لأنكم أنتم يا أهل التأويل أولتم نصوصا صريحة واضحة في صفات الله عز وجل، قلت المراد باليدين النعمتان كيف النعمة ما معنى لما خلقت بنعمتي هل هناك معنى لها ؟ أبدا ما معنى بقوتي ؟ القوة صفة واحدة وكل المخلوقات خلقها الله تعالى بقوته وأين الفضل لآدم على إبليس إذا قلنا إن المراد باليد القوة لا فضل له عليه إذا مثل هؤلاء لا نسكت عن بيان خطئهم ولا نوافقهم عليه ولا نقول أنتم معذورون بهذا الخطأ لأن النص واضح صريح في هذا ولا يمكن أن يقبل مثل هذا التأويل وأحسن ما يوصف به ما سماه شيخ الإسلام رحمه الله بقوله تحريف في العقيدة الواسطية قال : " إن أهل السنة والجماعة يثبتون ما أثبته الله لنفسه من غير تحريف ولا تعطيل " من غير تحريف قال : " عدلت عن قولي تأويل إلى قولي تحريف لأن هذا هو الموافق لكتاب الله عز وجل " أين ذكر الله ذلك ؟ في قوله : (( يحرفون الكلم عن مواضعه )) .
ثانيا : أن التأويل ينقسم إلى صحيح وفاسد فالتأويل المطابق لمراد الله ورسوله صحيح ولا فاسد ؟ صحيح والتأويل المخالف لمراد الله ورسوله هذا فاسد فإذا قلنا من غير تأويل أوهم ذلك أننا ننفي الفاسد وايش ؟ والصحيح وهذا له خطره إذا نحن نقول من الأشياء ما لا يمكن السكوت عليه لأنه مخالف للنص ولطريق السلف رحمهم الله ورضي الله عنهم هذا لا يمكن أن نعذر أحدا فيه بعد أن يتبين له الحق .
أما لو كان هذا الرجل عائشا في وسط قوم لا يعرفون إلا هذا فهذا ربما نعذره لماذا ؟ لأنه جاهل والإنسان الجاهل قد يعذر بإنكار ما هو معلوم من الشريعة ألم تعلموا أن عمر رضي الله عنه أنكر على الصحابي الذي سمعه يقرأ بسورة الفرقان على خلاف ما كان عمر قرأها على النبي عليه الصلاة والسلام أنكر عليه مع أن هذه القراءة التي كان يقرأ بها الصحابي كانت صحيحة أقرأه إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن المعلوم لو أن أحدا أنكر شيئا من القرآن لكان يصل به إلى الكفر لكن عمر ما علم أن الرسول أقرأه هذا ولهذا احتكم عمر مع هذا الرجل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل : ( اقرأ فقرأ فقال : هكذا أنزلت ثم قال لعمر اقرأ فقرأ فقال : هكذا أنزلت ) فالإنسان قد ينكر ما يمكن إنكاره كفرا لعدم علمه به وحينئذ يكون معذورا.