تتمة أقسام التوسل المشروع والممنوع حفظ
الشيخ : بكل اسم هو لك خصوصا التوسل إلى الله بأسمائه خصوصا كالحديث الذي علمه الرسول عليه الصلاة والسلام أحب الناس إليه أبا بكر رضي الله عنه قال له أبو بكر علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال له قل : ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني ) ثم قال في الآخر : ( إنك أنت الغفور الرحيم ) هذا توسل إلى الله باسم خاص لأنه قال اغفر لي وارحمني فتوسل بالاسمين المقتضين لهذين الوصفين إنك أنت الغفور الرحيم (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة )) ويش بعدها ؟ (( إنك أنت الوهاب )) توسل باسم خاص مناسب لما تطلبه من الله عز وجل، التوسل إلى الله بصفاته عموما أو خصوصا هذا أيضا جائز ومندوب فتقول اللهم أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا وفي الحديث في دعاء الاستخارة ( اللهم إني أستخيرك بعلمك ) وكذلك في الحديث الآخر ( لا يتمني أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا محالة فليقل اللهم أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني ما علمت الوفاة خيرا لي ) وكذلك الحديث ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ) هذا توسل إلى الله تعالى بصفة معينة من صفاته .
الثالث : التوسل إلى الله بالإيمان به لأن الإيمان به سبب يقتضي الرحمة ويقتضي إعطاء المطلوب ومنه قوله تعالى (( الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا )) توسلوا بماذا ؟ بالإيمان بالله إننا آمنا فاغفر لنا لأن الفاء هذه للسببية .
الرابع : التوسل بالعمل الصالح ومنه قصة أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار وعجزوا عن أن يدفعوا الصخرة التي انطبقت فتوسل كل منهم بعمله الصالح وقال : ( اللهم إن كنت فعلت ذلك من أجلك فافرج عنا ما نحن فيه ) كم هذه ؟ أربعة
الخامس : التوسل إلى الله عز وجل بفعله يعني تتوسل إلى الله تعالى بفعل سبق منه وتسأله مثل هذا الفعل الذي سبق ومنه قولنا ونحن نصلي ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ) هذا توسل لله بماذا ؟ بفعله يعني أنه قد سبق منك يا ربنا أن صليت على إبراهيم وعلى آله إبراهيم فصل على محمد وعلى آله محمد، فالكاف في هذا للتعليل وليست للتشبيه أرجو الانتباه لأن هذه المسألة صار فيها خوض من بعض العلماء يقول إن الكاف للتشبيه بعض العلماء يقول الكاف للتشبيه ومعلوم أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم فكيف نعم والمشبَه أدنى من المشبه به فكيف قال على محمد كما صليت على إبراهيم وأجابوا بأجوبة لكن الصحيح أنه لا حاجة إلى هذا الإشكال نقول الكاف للتعليل تأتي الكاف في اللغة للتعليل كما قال ابن مالك في الألفية :
" شبه بكاف وبها التعليل قد يعنى *** وزائدا لتوكيد ورد "
ومنه قوله تعالى : (( واذكروه كما هداكم )) أي لهدايتكم وقوله : (( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتول عليكم آياتنا )) إلى آخره المهم أن هذا من باب التوسل إلى الله بماذا ؟ بفعل من أفعاله الخامس .
السادس : التوسل إلى الله تعالى بذكر حال الداعي يعني يصف نفسه بأنه فقير مريض شيخ كبير وما أشبه ذلك هذا جائز ومنه قول زكريا : (( رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا )) وقول موسى عليه الصلاة والسلام : (( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير )) فهذه أنواع التوسل الجائزة المندوبة أما التوسل بذات أحد من المخلوقين فهذا لا يصح لماذا ؟ لأن التوسل معناه الطلب بالشيء الموصل إلى المقصود وذات النبي صلى الله عليه وسلم مثلا ليس لها علاقة بإيصالك إلى مقصودك فلهذا كان القول الراجح أنه لا يصح التوسل بذات الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بجاهه وبدلا من أن تتوسل بذات الرسول أو جاهه توسل بأسماء الله وصفاته حتى تكون متابعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم حق المتابعة .
الطالب : ... .
الشيخ : نعم نعم هذا أيضا السابع ولا الثامن ؟
السابع : دعاء الرجل الصالح يعني أن تتوسل إلى الله بدعاء رجل صالح حي يدعو لك ومنه ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال : ( يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا ) قال أنس : ( فوالله ما في السماء من سحاب ولا قزع وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار ) يعني أن السماء صاحية وليس هناك شيء يكون فيه مطر أو منه مطر قال : ( فخرجت من وراءه سحابة مثل الترس وارتفعت وانتشرت في السماء ورعدت وبرقت فما نزل الرسول صلى الله عليه وسلم من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته ) تبارك الله الله أكبر هذه القدرة الإلهية (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) سماء صاحية لا سحاب ولا قطع سحاب ما فيه إلا أن الرسول رفع يديه اللهم أغثنا ثلاث مرات فنزل المطر قبل أن ينزل من المنبر وبقي المطر أسبوعا كاملا على المدينة وما حولها فدخل رجل أو الرجل الأول من الجمعة الثانية وقال : ( يا رسول الله غرق المال وتهدم البناء فادع اللهم يمسكها عنا فرفع يديه وقال : اللهم حوالينا ولا علينا ) وجعل يشير بيده صلوات الله وسلامه عليه فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت فخرجوا يمشون في الشمس وما حول المدينة كله ممطر هذا توسل إلى الله بدعاء الرجل الصالح لأن الرجل الصالح المرجو الإجابة أقرب إلى الإجابة ولكن لاحظوا يا إخواني أن ميزان الصلاح ليس هو الدعوة بالصلاح ليس هو الدعوة ربما يجيء إنسان كبير العمامة طويل اللحية طويل المسواك واسع الكم ويدعي أنه من أولياء الله ولكنه ليس من أولياء الله فيظن الإنسان أنه رجل صالح فيسأله أن يدعو له، ميزان الصلاح ما ذكره الله في قوله : (( ألا إن اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين أمنوا وكانوا يتقون )) أما دعوى الصلاح " فكل يدعي وصلا لليلى *** وليلى لا تقر لهم بذاك " كل يدعي أنه صالح لكن ما يقبل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( البينة على المدعي ) تأتي تدعي أنك ولي من أولياء الله وأنت آكال للمال دجال لاعب بأفكار الناس ما هو صحيح هذا طيب ولكن بقي أن يقال هل التوسل بدعاء الرجل الصالح هل هو من الأمور المطلوبة أو من الأمور الجائزة ؟
هو من الأمور الجائزة إذا فدعاؤك أنت بنفسك وتوسلك إلى الله عز وجل بما تتوسل به أولى وأحسن وأخشع لقلبك وأنفع له .
ثم إن في طلب الدعاء من الرجل محذور يتعلق بالرجل نفسه ما هو ؟ أن يفتتن ويرى نفسه رجلا صالحا يقصد ليطلب منه الدعاء فيحصل بذلك مفسدة ثم فيه شيء ثالث أيضا وهو أن طلب الدعاء من الرجل الصالح للمصلحة المحضة لنفس الطالب فيه شيء من سؤال الناس وإذلال النفس والصحابة رضي الله عنهم كان من جملة ما بايعوا عليه الرسول عليه الصلاة والسلام ( ألا يسألوا الناس شيئا ) ولهذا أشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه ينبغي للإنسان إذا طلب الدعاء من شخص أن يكون مريدا لنفع ذلك الشخص لأن الإنسان إذا دعا لأخيه كان محسنا إليه وإذا دعا له بظهر الغيب كان أرجى للإجابة لأن الإنسان إذا دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك آمين ولك مثله إي نعم .