معنى: ومن فتنة المحيا والممات، وبيان فتنة القبر ونعيمه وعذابه حفظ
الشيخ : ومن فتنة المحيا والممات. الفتنة هي الاختبار. وتكون بالخير وتكون بالشر. قال الله تعالى : (( ونبلوكم بالشر والخير فتنة )). قد يبتلي الله الإنسان بالشر بالمصائب بمرض في بدنه في أهله في أقاربه بفقر بغير ذلك من المصائب ليبلوه هل يصبر أو لا يصبر ؟ قد يكون قد تكون الفتنة بالخير ليبلوه هل يشكر أو يبطر ؟ ولما أتى سليمان على واد النمل (( قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ )). نعم. (( وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين )). وقال في آية أخرى : (( ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه )). نعم أستغفر الله. نعم قبل قال : (( يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُر )).
إذن فتنة المحيا تكون بالخير وتكون بالشر. تكون بالشر ليبتلى الإنسان هل يصبر أو لا يصبر. تكون بالخير ليبتلى هل يشكر أو لا يشكر. فالإنسان في الواقع بين أمرين : إما خير وإما شر . وكلاهما ابتلاء وقد يبتلي الإنسان في دينه والعياذ بالله فتنة الدنيا في الدين وذلك يدور على أمرين على شبهات وعلى شهوات.
شبهات بأن يشتبه الحق على الإنسان حتى لا يميز بين الحق والباطل فيزل ويهلك شهوات يكون عند الإنسان تمييز وعلم لكن عنده سوء إرادة.
فتنة النصارى مثلا من باب الشهوات أو من باب الشبهات ؟ من باب الشبهات. فتنة اليهود من باب الشهوات لأنهم علموا الحق وخالفوه. هكذا الإنسان والعياذ بالله قد يفتن في دينه فليلتبس عليه الحق وقد يفتن في دينه فلا يريد الحق.
( ومن فتنة المحيا والممات ). الممات هل فيه فتنة ؟ نعم ماهي ؟ الممات له فتنة. بل له فتنتان إحداهما قبل الموت والثانية بعد الموت - انتبه يا أخ - الفتنة قبل الموت. الإنسان إذا حضره أجله جاءه الشيطان فأورد عليه الشبهات حتى ربما يخرج من الدين عند موته. ولهذا ينبغي أن نسأل الله دائما حسن الخاتمة. ربما يعرض الشيطان للشخص بصورة أبويه أو بصورة أبيه. ويقول له يا ابني إن دين الإسلام ليس دينا صحيحا وإن الصحيح دين اليهودية أو النصرانية فكن يهوديا أو نصرانيا. والإنسان في تلك الحال وقد حضره الموت ليس عنده التمييز الكامل فيفتن ثم يكون إنما يهوديا أو نصرانيا والعياذ بالله. وهذه فتنة عظيمة ذكر أن الإمام أحمد رحمه الله كان عند موته يغمى عليه فيقول : " بعد بعد. بعد بعد ". فلما أفاق قيل له : يا أبا عبد الله إنك تقول بعد بعد. ويش هذا الكلام ؟ قال : " إن الشيطان كان يعرض لي ويقول فتني يا أحمد ". يعني عجزت أن أغويك فأقول له : " بعد بعد " يعني إلى الآن ما فتك ليش ؟ لأن روحه في بدنه فلا يؤمن عليه الفتنة ما دامت الروح لم تخرج فالأمر خطير جدا هذه فتنة الموت التي تأتي تكون قبل الموت.
الفتنة التي تكون بعد الموت هي أن الإنسان يفتن في قبره فيأتيه ملكان فيسألانه من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك ؟ أما المؤمن وأسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم. أما المؤمن فيقول : الله ربي والإسلام ديني ونبيي محمد فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة. ويمد له في قبره يفسخ له في قبره مد البصر فيأتيه من روح الجنة ونعيمها ما يسر به حتى يقول : رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي لأنه يرى أن هناك نعيم أشد وهو نعيم الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وأما غير المسلم كالمرتاب والكافر فيقول : ها ها إذا سئل ها ها لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته لأن الإيمان لم يدخل إلى قلبه والعياذ بالله سمع فقال بدون إيمان فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان.
يضرب بمرزبة من حديد ويصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه. ويقول : يا رب لا تقم الساعة لأنه يعلم أن وراء هذا العذاب ماهو أعظم وأشد منه هذه فتنة الممات .