فوائد علم النحو وبيان أول واضعه حفظ
الشيخ : وأصحابه أجمعين أما بعد فإن علم النحو من أفضل العلوم التي تعتبر وسيلة لغيرها لأن فيه تقويم اللسان وتقويم كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بل وتقويم كلام الله لمن لم يقرأ في المصحف المشكل. وفيه أيضا الاستعانة على فهم كتاب الله تبارك وتعالى. وكم من آية ظهر معناها وكم من حديث ظهر معناه بواسطة معرفة النحو. وفيه أيضا أنه مما يعين على الإصغاء إلى المتكلم فإن المتكلم إذا كان يلحن في كلامه لاسيما عند من يعرف اللغة العربية الأصيلة يكون كلامه يمد للسمع ويسثقله. وأما عاد من لا يعرفها اللغة العربية فهو لا يهتم بهذا ولا يعرفه. فهو فيه فوائد عظيمة ولهذا يقولون : " إن النحو في الكلام كالملح في الطعام " بمعنى أنه يحسنه ويجمله ولكن هو أشد من الملح في الطعام لأنه لا بد من معرفته لكل إنسان يريد أن يقيم لسانه على وفق كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
ويقال : إن أول ما بدأ النحو من علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنه أمر أبا الأسود الدؤلي أن يكتب فيه شيئا من أبواب النحو. وأنه كتب فيه من أبواب الإضافة ومن أبواب الخبر ومن أبواب الحال. وأن أبا الأسود الدؤلي قالت له ابنته يوما من الأيام : يا أبت ما أحسنُ السماءِ. فقال لها : نجومها لأن ما أحسن ما مبتدأ في الاستفهام وأحسن خبر المبتدأ يعني : أي شيء في السماء أحسن ؟ فقال : نجومها هذا الجواب. هو أجابها على حسب اللغة العربية. فقالت : يا أبت ما أسال عن أحسن شيء فيها ولكن أتعجب من حسنها. فقال : " قولي ما أحسن السماءَ " افتحي فاك ما أحسن السماء. نعم وهذه الكلمة أو هذه الجملة يجوز ما أحسنُ السماءِ ويجوز ما أحسنَ السماءِ ويجوز ما أحسنَ السماءُ نعم. كلها يجوز وكل وحدة لها معنى.
ما أحسن السماءِ استفهام على الأحسن فيها .
ما أحسنَ السماءَ تعجب من حسنها.
وما أحسنَ السماءُ أي ما كنت حسنة ما دخلت الحسن أو ما أحسنت بناء على المجاز أنه ما أمطرت مثلا. الحاصل أن شوف المعنى اختلف باختلاف الإعراب. ويقال : إن أبا الأسود الدؤلي وضع باب التعجب بناء على كلام ابنته جوابها.