التوحيد في محبة الله ومحبة رسوله حفظ
الشيخ : التوحيد في المحبة، أي: أن تملأ قلبك بمحبة الله ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحبة الرسول عليه الصلاة والسلام تابعة لمحبة الله، لولا أنه رسول رب العالمين لم يجب علينا له من الطاعة والمحبة كما وجب حين كان رسول رب العالمين، أليس كذلك؟ بلى، إذن محبة الرسول عليه الصلاة والسلام ووجوب العمل بسنته كلاهما تابع لمحبّة الله، فالأصل كله محبة من؟ محبة الله عزّ وجلّ لابد أن توحّد الله بالمحبة، وأن تجعل محبة ما سواه تابعة لمحبّة الله، ولكن مع الأسف أن كثيرا من الناس اليوم نسأل الله أن يحمينا وإياكم.
الحضور : آمين.
الشيخ : يحب مع الله، يحب مع الله، بل قد يحب دون الله، فتجده يقدّم الدنيا على ما يرضي الله عزّ وجلّ، يقدّم الزوجة على محبة الله، يقدم الولد على محبة الله، يقدّم الصديق على محبة الله، وهذا شرك، قد يصل إلى الشرك الأكبر، وقد يكون دون ذلك، قال الله تعالى: (( ومن الناس من يتّخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله )) من هؤلاء لأندادهم.
المحبة في الحقيقة يا إخواني هي التي تحرك الإرادة، المحبة هي التي تحرك الإرادة، الإنسان إذا أحب شيئا هل يتحرك لإرادته والوصول إليه أو لا؟ أجيبوا يا جماعة!
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، بلى، أقول المحبة هي المحرك للإرادة، فإذا كنت تحب الله فلابد أن تحملك هذه المحبة على إرادة مرضاته. وأضرب مثلا بسيطا، إذا كنت تحب صديقا لك: هل أنت تسارع فيما يجب هذا الصديق أو لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم تسارع، إذا وعدك موعدا لن تخلفه، إذا طلب منك شيئا لم تمنعه، تنظر ماذا يشتهي فتحققه له، فالمحبة هي المحرك للإرادة، والإرادة مع القدرة موجدة للفعل، أفهمتم يا جماعة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب، يقول الله عزّ وجلّ (( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا )) انتظروا انتظروا العذاب (( حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين )) إذن لابد أن نوحد الله بمحبّته عزّ وجلّ، ولكن مع الأسف أنه يوجد أناس من المسلمين يفردون الرسول بالمحبة ولا يحبون الله كمحبة الرسول! يفردون الرسول بالمحبة التامة، ولا يحبون الله كمحبة الرسول، وهذا خطأ خطأ عظيم، من الذي أرسل الرسول؟
الطالب : الله.
الشيخ : الله، من الذي خلقه؟ الله، من الذي شرع له الشرع؟ الله، كيف تفرد عبدا من عبيد الله بقمّة المحبة دون الله عزّ وجلّ؟ هذا خطأ، وليعلم هذا الفاعل أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرضى هذا أبدا، لا يرضى منا أن نقدّم محبّته على محبّة الله، قال له رجل ذات يوم: ما شاء الله وشئت، فقال: ( أجعلتني لله ندّا، بل ما شاء الله وحده )، وإذا كان لا يجوز للمسلم أن يقدّم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل الخلق على محبة الله فما دون الرسول عليه الصلاة والسلام من باب أولى، فلا يجوز أن نقدّم محبّة آبائنا أو أمّهاتنا أو أنفسنا أو علمائنا أو مشايخنا لا يجوز أن نقدّم محبّتهم على أيش؟ على محبّة الله أبدا، بل ولا نسوي محبة هؤلاء بمحبّة الله، فإن محبّة الله هي الأصل، والمتحابون إذا تحابوا في الله انتفعوا بالمحبة، وإذا تحابوا على غير ذلك فقد تكون المحبة ضررا وقد تكون لا له ولا عليه.