تفسير قوله تعالى:" حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها " والحكمة من إتيان الواو في فتحت في أهل الجنة حفظ
الشيخ : يقول عز وجل : (( حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا )) أي جاءوا الجنة بعد العبور على الصراط (( وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ )) يا لها من تحية، تحية عظيمة يقول : (( إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا )) وفي أهل النار قال : (( إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا )) والقرآن فصاحة وبيان فلماذا قال في أهل النار : (( إذا جاءوها فتحت )) وفي أهل الجنة : (( إذا جاءوها وفتحت )) ؟
قال بعض النحويين : " إن هذه الواو واو الثمانية " لأن أبواب الجنة ثمانية كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من توضأ فأسبغ الوضوء ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتّحت أو فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ) فقالوا : إن هذه واو الثمانية وواو الثمانية تأتي في القرآن كثيرا اقرأ قول الله تعالى : (( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ )) جاءت الواو عند الوصف الثامن وقالوا أيضا اقرأ قول الله تبارك وتعالى : (( سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ )) ولكن نقول نعم واقرأ أيضا (( عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً )) جاءت الواو عند الوصف الثامن ولكن هذا غلط، ما فيه واو تسمى واو الثمانية أبدا لأن قوله : (( ثيباتٍ وأبكاراً )) إنما عطف أبكارا بالواو على ثيبات لأنه لا يمكن أن تكون المرأة ثيبا بكرا فلا بد أن تكون ثيبات وأبكارا مغايرات للثيبات بخلاف الصفات الست الأولى فإنه يمكن أن تجتمع في امرأة واحدة .
على كل حال نقول : إن الواو هنا في أهل الجنة لها معنى أبعد غورا مما ذكر هؤلاء أنها واو الثمانية فما هو المعنى ؟
المعنى أن أهل الجنة إذا وصلوا الجنة لا يجدون أبوابها مفتوحة يحبسون قليلا حتى يشتد شوقهم إليها لأن الإنسان كلما اشتد شوقه إلى الشيء صار إتيانه إياه على شوق أعظم أليس كذلك ؟ انظر إلى جائع الجائع إذا طول عليه الجوع ثم قدم له الأكل يكون أشهى له الأكل ولا لا ؟
الطالب : ... .
الشيخ : جواب هش هذا أشهى له بلا شك كلما طال الأمد بين الأكلتين صار أشد شوقا إلى الأكلة الثانية فهم يحبسون عند أبواب الجنة لا يجدونها مفتوحة بخلاف أهل النار يبادرون بلفحها والعياذ بالله وسمومها.