ما نصيحتكم لطالب العلم الذي تأتيه الوساوس في باب الصفات؟ حفظ
السائل : سائل يقول فضيلة الشيخ أنا أحب أن أدرس العقيدة والتوحيد وأفهمها كما فهمها السلف الصالح يقول ولكنني إنسان كثير الوسواس في كل صغيرة وكبيرة. وتركت الدراسة في ذلك خوفا من حدوث هذا الوسواس وانشغالي بها. فبماذا تنصحني؟
الشيخ : أنصح هذا الأخ السائل أن يستمر في معرفة مذهب السلف الصالح. وهو إذا عرفه لم يرد عليه وسواس. لكن الوساوس والشكوك إنما تأتي حينما يقرأ الإنسان في كتب أهل الكلام. فهذا هو الذي سوف يتحير وسوف ترد عليه أسئلة ذهنية لا يستطيع الخلاص منها. وقد ذكرت لكم البارحة أن أكثر الناس شكا عند الموت من هم؟ أهل الكلام. لكن لو مشيت على ما مشى عليه السلف الصالح دون أن تقدر أسئلة ما حصل لك هذا الوسواس. لنضرب مثلا باستواء الله على العرش. ما معنى استوى الله على العرش؟ أي علا وارتفع عليه. لا شك في هذا. كما قال الله تبارك وتعالى : (( وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره )) أي تركبوا عليها. وقد سئل الإمام مالك إمام دار الهجرة إمام المدينة رضي الله عنه وغفر له. سئل (( الرحمن على العرش استوى )) كيف استوى؟ سئل الآن عن المعنى أو عن الكيفية؟ الكيفية. يعني السائل يقول :كيف استوى؟ وهذا السؤال يرد من أهل التعطيل ليحرجوا أهل السنة في مثل هذا الإيراد. ولكن أهل السنة والحمد لله عندهم من السلاح ما يقطعون به أعناق أهل الكلام طيب. مالك رحمه الله أطرق برأسه هكذا نزَّله وجعل يتصبب عرقا حتى علاه العرق. لماذا؟ لأن هذا سؤال عظيم ، سؤال بدعي ، سؤال محدث. هل الصحابة رضي الله عنهم قالوا يا رسول الله كيف استوى الله على العرش؟ أجيبوا يا إخواني. أبدا ما قالوا هذا. آمنوا بالاستواء بمعناه لكن بدون كيفية ولا تمثيل. ثم قال الإمام مالك قال كلمته المشهورة : " الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أُراك إلا مبتدعا " ، أي ما أظنك إلا مبتدعا. ثم أمر به فأخرج من المسجد. أخرجه مالك رحمه الله على ما له من سهولة الأخلاق واللين أخرجه من المسجد ، لأن هذا فتح على الناس باب شر. السؤال عن أي صفة من صفات الله عن كيفيتها السؤال عنها بدعة بدعة. لا يجوز أن نسأل عن أي كيفية من كيفيات صفات الله؟ حرام علينا لأنه بدعة . وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( كل بدعة ضلالة ) ، ولأن في هذه الأمة من هو خير منا. ولم يسألوا الرسول عنه. الصحابة خير منا والله والنبي صلى الله عليه وسلم أعلم منا. فإذا كانت أسباب العلم متوفرة والموانع منتفية ولم يحصل السؤال علم أن السؤال بدعة. هل أنت أيها السائل كيف استوى؟ هل أنت أشد حرصا من الصحابة على معرفة كيفية صفات الله؟ أبدا. ولو كان السؤال عن الكيفية جائزا لكان أول من يبادر إليه الصحابة رضي الله عنهم ، لأن الجواب متوفر. الجواب من النبي عليه الصلاة والسلام وهو عالم. فعلى كل حال نقول السؤال عن أي صفة عن كيفيتها بدعة لا يجوز. بل علينا أن نسلم ولكن بدون تمثيل. وقد سمعتم البارحة قول الرازي وهو من فحول علماء الكلام حيث قال : " أقرأ في الإثبات (( الرحمن على العرش استوى )) وأقرأ في النفي (( ليس كمثله شيء )) (( ولا يحيطون به علما )) - يعني فأثبت ما أثبته الله وأنفي ما نفاه الله - ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي ". نعم.
السائل : جزاكم الله خيرا.