ذكر الشيخ قصة داود عليه السلام المذكورة في سورة "ص ". حفظ
الشيخ : أما الموضوع الثاني مما سمعناه من تلاوة أئمتنا فهو قصة داود عليه الصلاة والسلام داود عليه الصلاة والسلام يقول الله في هذه القصة اللي سمعنا : (( وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم )) وأنا أسأل الآن الاستفهام هنا هل أتاك نبأ الخصم هل هو سؤال استخبار واستعلام أم يراد به شيء آخر ؟
السائل : استخبار.
الشيخ : لأن الاستخبار يعني أن الله يسأل النبي عليه الصلاة والسلام هل جاءه الخبر أم لا ؟ والله يعلم أن الخبر لم يأته إذا ليس هو استفهام استعلام واستخبار لكن له معنى آخر ما هذا المعنى الآخر التشويق وفتح الذهن لأن الإنسان إذا ألقي إليه الكلام على صيغة الاستفهام اشتاق إليه وانفتح ذهنه له ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر قال أينقص إذا جف قالوا نعم فنهى عن ذلك القصة هذه ما هي بيع التمر بالتمر لا بد فيه من شرطين : الشرط الأول التساوي والشرط الثاني القبض في مجلس العقد فإذا بعت رطبا بتمر والتمر هو اليابس فهل ينقص الرطب إذا جف ؟ الجواب نعم يضمر ويصغر وينقص وزنه أيضا يخف لما قال الصحابة يا رسول الله هل يباع التمر بالرطب لم يقل لا لكن قال هل ينقص إذا جف قالوا نعم فنهى عن ذلك والرسول صلى الله عليه وسلم هل يعلم أن الرطب ينقص إذا جف نعم لا شك لكن أراد أن يبين العلة على هذا الوجه الذي يشوق السامع (( هل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب )) وأنا أوجه سؤال الآن إلى علماء النحو يقول الخصم مفرد ولا جمع ؟ مفرد والجمع خصماء والمثنى خصمان هنا قال الخصم إذ تسوروا المحراب الواو هذه واو إيش الجماعة كيف تعود واو الجماعة على مفرد الجواب هو مفرد في اللفظ جمع في المعنى وقد يكون اللفظ مثنى في اللفظ وجمع في المعنى قال الله تعالى : (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا )) فراعى الجمع (( فأصلحوا بينهما )) راعى اللفظ ولم يقل بينهم إذا الخصم مفرد لفظا جماعة معنى (( إذ تسوروا المحراب )) تسوروا أي صعدوا السور ولم يدخلوا من الباب والمحراب ليس هو المحراب الذي يوجد الآن في المساجد ولكن المحراب مكان العبادة ولهذا رأيت في بعض المساجد كتبوا على المحراب على طاق المحراب (( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا )) لكن ما كتبوا وجد عندها رزقا يخافون يطالبون برزق في هذا المكان (( كلما دخل عليها زكريا المحراب )) بس يظنون أن المحراب هو هذا الطاق طاق القبلة وليس كذلك المحراب موضع العبادة تسوروا المحراب فدخلوا على داود ففزع منهم ما وجه فزعه ؟ أن هؤلاء دخلوا من غير الباب وتسوروا عليه وهو مشتغل بعبادته وهم جماعة جماعة ففزع منهم كعادة الإنسان النفسية والأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يختلفون عن الناس في الطبائع البشرية ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ) دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف ما حاجة للفزع خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط إلى هنا واضحة الآية تشطط أي لا تَمِل ولا تَجُر واهدنا إلى سواء الصراط يعني دلنا إلى الطريق السوي الذي ليس فيه ظلم ولا جور ثم بدؤوا القصة فقال أحد الخصمين : (( إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة )) ما هي النعجة ؟
السائل : الشاة.
الشيخ : الشاة أو المرأة ؟
السائل : الشاة.
الشيخ : يرى بعض المفسرين أنها المرأة ولو قلت للمرأة يا نعجة لخاصمتها ولكن النعجة هي الشاة له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها يعني خصني بها وأعطني إياها إذا أعطاه إياها وله تسع وتسعون كم صار له ؟
السائل : مئة.
الشيخ : والآخر لا شيء له فطلب هذا الذي عنده تسع وتسعون طلب من صاحب الواحدة أن يعطيه شاته ليكمل بها المئة وعزني في الخطاب معنى عزني يعني غلبني غلبني في الخطاب لأنه رجل خصم جيد في الخصومة وذاك ما هو جيد ماذا قال داود ؟ (( قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه )) ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه فيه إشكال عندي من الناحية النحوية سأل لا تتعدى بإلى وهنا عديت بإلى أصحاب النحو جزاكم الله خيرا لماذا عدى السؤال بإلى وهو لا يتعدى بإلى ؟ طيب ما في شيء هناك شيء في علم النحو يسمى علم التضمين يعني أن الكلمة تضمن معنى كلمة أخرى يدل على هذا المعنى المتعلق فهنا بسؤال نعجتك ضاما لها إلى نعاجه كأنه ضمن معنى السؤال الضم يعني سألك ليضم نعجتك إلى نعاجه (( وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم إلى بعض إلا الذين آمنوا وعملو الصالحات وقليل ما هم )) وهذه الجملة قال بعض المفسرين : إنها من كلام الله وقال بعضهم إنها من كلام داود ثم قال : (( وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب )) فتناه بمعنى اختبرناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب يعني سجد وأناب إلى الله وجزى الله إمامنا خيرا هذه الليلة حيث سجد مع أن المشروع عند الفقهاء أنه لا يسجد في الصلاة في هذه السجدة يقول لأنها سجدة شكر وسجدة الشكر إذا سجدها الإنسان وهو يصلي بطلت صلاته والصحيح أنها سجدة تلاوة لأنه لولا تلاوتنا لكتاب الله ما سجدناها فهي سجدة تلاوة إذا تلاها الإنسان ولو في الصلاة فإنه يسجد.