مسألة : هل يجوز أن يمس القرآن من ليس بطاهر مع الدليل وما المقصود بالطاهر . حفظ
الشيخ : ولكن إذا قال قائل هل يجوز أن يمس القرآن من ليس بطاهر يعني من كان محدثا حدثا أصغر أو كان عليه جنابة ؟ فالجواب لا يجوز لكنه لا يؤخذ من هذه الآية وإنما يؤخذ من حديث عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم وهو : ( ألا يمس القرآن إلا طاهر ) ألا يمس القرآن إلا طاهر وهذا الحديث وإن كان مرسلا ونحن نعلم أن المرسل من الحديث من أقسام الضعيف لكن المرسل إذا كنت له شواهد أو تلقته الأمة بالقبول ألحق بالصحيح وهذا الحديث قد تلقته الأمة بالقبول وعملت به في الديات والزكاة وغيرها مما جاء فيه فيكون هذا الحديث مقبولا مع إرساله وهذه فائدة ينبغي لطالب الحديث أن يعتبر بها وهو ألا ينظر إلى مجرد السند فإن من نظر إلى مجرد السند وظاهر الإسناد قد يصحح ما كان منكرا ونحن نعلم أن من شرط الصحيح أن يكون متصل السند غير معلل ولا شاذ فلا بد أن يكون غير معلل ولا شاذ وإلا كان ضعيفا وإن كان رجل السند ثقات وكان متصل السند فهنا الحديث مرسل منقطع لكن لما تلقته الأمة بالقبول صار صحيحا فقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يمس القرآن إلا طاهر ) طاهر من أين ؟ طاهر من الحدث إلا طاهر من الحدث وبعض الناس يقول إلا طاهر من الشرك قال لأن الله عز وجل يقول : (( يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا )) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن المؤمن لا ينجس ) فيكون المراد بالطاهر هنا المؤمن يعني لا يمس القرآن إلا مؤمن سواء كان متطهرا من الحدث أو لا ولكننا عندما نمعن النظر في هذا الحديث يتبين لنا أن هذا التأويل للحديث غير صحيح لأن الطاهر هو المؤمن الذي تطهر من الحدث بدليل قوله تعالى حين ذكر آية الوضوء والغسل والتيمم قال : (( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم )) وهذا يدل على أننا قبل أن نتوضأ ونغتسل غير طاهرين فيكون طاهر أي متوضأ ومغتسل من الجنابة ولا نعلم أن الشارع يعبر بكلمة طاهر عن المؤمن أو المسلم وإنما يعبر عن المؤمن بوصف الإيمان (( إنما المؤمنين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم )) (( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات )) ولم يقل إن الطاهرين والطاهرات فلم يأت التعبير بالطاهر في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن المؤمن لأن وصف الإيمان وصف عظيم أبلغ من وصف الطهارة فالطهارة صفة المؤمن ولكن الإيمان هو الأصل إذا فالاستدلال بهذه الآية على أنه لا يمس القرآن إلا طاهر بناء على أن الضمير في لا يمسه عائد على القرآن وأن المراد بالمطهرين المتطهرون استدلال ضعيف ونحن في غنى عن هذا الاستدلال بماذا ؟ بالحديث ( لا يمس القرآن إلا طاهر ).