يقول السائل : قد من الله علي بالتوبة وقد تذوقت حلاوة الإيمان وحلاوة بعدها وفتح الله علي بمعرفت آياته وبعد ذلك تحولت الأمور وفقدت حلاوة الإيمان وكثرت الهواجس والوساوس حتى تصل إلى الكفر بالله لو نطقت بها وأنا لا أرضى ذلك فما العمل حتى أجد ما كنت فيه وهل علي إثم في ذلك .؟ حفظ
السائل : قد من الله علي بالتوبة وقد تذوقت حلاوة الإيمان وحلاوة بعدها وقد فتح الله علي بالفهم والمعرفة بآياته، وبعد ذلك تحولت الأمور وفقدت حلاوة الإيمان وكثرت الهواجس والوساوس منها ما هو كفر بالله لو نطقت به وأنا لا أرضى ذلك، فما هو العمل حتى أجد ما كنت فيه، وهل علي إثم في ذلك ؟
الشيخ : نعم. هذا السؤال سمعتموه. رجل من الله علي بالهداية، وذاق طعم الإيمان وازداد نورا، ولكنه بعد ذلك استولى عليه الشيطان فصار يقع في نفسه من الوساوس والشكوك مايصل إلى حد الكفر لونطق به، فما هو المخرج؟
الجواب على ذلك أيها الإخوة: أن الله عز وجل بحكمته ما أنزل داء إلا وأنزل له دواء، حتى الأمور المعنوية والنفسية أنزل الله لها الدواء، فما هو الدواء ؟
الدواء: أن النبي صلى الله عليه وسلم شكا إليه الصحابة ما وقع في نفوسهم من الأمور التي يحبون أن يخروا من السماء ولا يتكلموا فيها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن ينتهوا عن ذلك، وأن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لايزال الناس يتساءلون مَنْ خَلَقَ كَذَا ؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا ؟ من خَلَقَ كَذَا ؟ حَتَّى يَقُولوا : مَنْ خَلَقَ الله ؟ ).
أعوذ بالله، لو قيل الأن من خلق السماوات من خلق الأرض؟ من خلق الجبال ؟ من خلق الإنسان؟ من خلق الحيوان؟ كل ذلك نقول الله . فيقول الشيطان للإنسان يلقي في قلبه: من خلق الله ؟ نسأل الله العافية.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فإذا وجد أحدكم ذلك فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ )، يستعذ بالله يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وينتهي يعرض، يطرح هذا الهجاس بالكلية، وهذا كما يكون في الخالق عز وجل يكون أيضا في العبادات، يجي الإنسان يتوضأ وضوءًا كاملاً، ثم يقول له الشيطان: إن الوضوء لم يتم، ثم يذهب فيتوضأ فيقول: لم يتم، ويذهب ويتوضأ وهكذا. ما دواء هذه الوساوس؟
الانتهاء، تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتنتهي.
وتقول - إذا توضأت أول مرة حتى لو وقع في نفسك أنك لم تتوضأ - قل : وليكن ذلك. يأتي الإنسان الشيطان في صلاته يقول لك: ما كبرت تكبيرة الإحرام، يأتي الإنسان مصلاه أو يقف في الصف ويكبر، فيأتيه الشيطان يقول: ما كبرت تكبيرة الإحرام فيكبر مرة ثانية، فيقول له ما كبرت، يكبر ثالثة، وهذا شيء مشهود في الذين ابتلوا بالوساوس. فما هو الطريق إلى هذا؟
أن يستعيذ بالله وينتهي، يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وينتهي.
طيب، إذا كبر أول مرة وزعم في نفسه أنه لم يكبر، ماذا يصنع؟ نقول ينتهي ويجعل نفسه مكبرا ولا يعيد التكبير، إذا أعاد التكبير انفتح عليه باب الوساوس.
بعض الناس يبتلى في زوجته يقول له الشيطان إنك قد طلقت زوجتك حتى إن بعضهم إذا فتح المصحف يقرأ قال: إني قد قلت إن فتحت المصحف فزوجتي طالق.
فلا يفتح المصحف، لأنه قال له الشيطان إنك قلت إن فتحت المصحف فزوجتي طالق.
يأتي يصلي فيقول في نفسه أنا قلت إن صليت فزوجتي طالق، إذن لا أصلي، شوف كيف الشيطان يلعب على بني آدم.
فما دواء هذا الشيء ؟
دواؤه ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتنتهي، ولاتعمل بهذا إطلاقا ولا يهمك.
واضح ياجماعة؟ طيب.
إذن، هذا الأخ الذي هداه الله للإيمان، وذاق حلاوة الإيمان وازداد منه، ثم حصلت له هذه الوساوس نقول له : أبشر فإن هذا صريح الإيمان، والشيطان لم يأت إليك بهذه الوساوس إلا ليصدك عن الإيمان، فاستعذ بالله وانته، ولا يهمك.
قيل لعبد الله بن عباس أو ابن مسعود رضي الله عنهما ، قيل له : ( إن اليهود يقولون: إننا لا تلحقنا الوساوس في صلاتنا )، اليهودي يصلي مايوسوس في صلاته ما يهوجس. المسلم إذا صلى انفتحت عليه باب الهواجيس من كل جانب في أمور لا خير فيها، في أمور بمجرد مايسلم تنقشع عنه كما تنقشع السحابة في الصيف، لأن الشيطان يريد أن يفسد عليه عبادته، فقال ابن مسعود أو ابن عباس : ( صدقوا، وما يصنع الشيطان بقَلْبٍ خَرَاب ).
شوف الجواب.
قلوب اليهود والنصارى خاربة، هل يأتي الشيطان ليفسدها وهي خاربة ؟! الشيطان إنما يأتي لبناء قائم ليهدمه، أما بناء متهدم فلا يأتيه الشيطان. وهذا يدل على أن الإنسان كلما ازداد إيماناً بالله عز وجل تَسَلَّطَ عليه الشيطان بمثل هذه الوساوس، ودواؤه أن يستعيذ بالله وينتهي.
وأقول للأخ السائل : أبشر بخير، مادمت تقاوم هذه الوساوس، وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وانته عنها و أعرض عنها، ولا تضرك إن شاء الله تعالى .