يقول السائل : هل يجوز للمرء أن يترك عمله ويتفرغ لطلب العلم ويكون عالة على أبيه أو أخيه أو من يطلب منه العلم .؟ حفظ
السائل : هل يجوز للمرء أن يترك عمله ويتفرغ لطلب العلم، فيكون عالة على أبيه أو أخيه، وعلى من يطلب منه العلم ؟
الشيخ : لا شك أن طلب العلم من أفضل الأعمال، بل هو من الجهاد في سبيل الله، ولا سيما في وقتنا هذا حين بدأت البدع تظهر في المجتمع الإسلامي وتنتشر وتكثر، وبدأ الجهل الكثير ممن يتطلع إلى الإفتاء بغير علم، وبدأ الجدل من كثير من الناس، فهذه ثلاثة أمور كلها تحتم على الشباب أن يحرص على طلب العلم.
أولاً: بدع بدأت تنجم نجومها.
ثانياً: أناس يتطلعون إلى الإفتاء بغير علم.
ثالثاً: جدل كثير في مسائل قد تكون واضحة لأهل العلم، لكن يأتي من يجادل فيها بغير علم. فمن أجل ذلك فنحن في ضرورة إلى طلب علم، إلى أهل علم عندهم رسوخ وسعة اطلاع، وعندهم أيضاً فقه في دين الله، وعندهم حكمة في توجيه عباد الله، لأن كثيراً من الناس الآن يحصلون على علم نظري في مسألة من المسائل، ولا يهمهم النظر إلى إصلاح الخلق وإلى تربيتهم، وأنهم إذا أفتوا بكذا وكذا صار وسيلة إلى شرٍّ أكبر لا يعلم مداه إلا الله.
وهاهم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أحياناً يُلْزَمون بأشياء قد تكون النصوص دالة على عدم الإلزام بها من أجل تربية الخلق .
عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ألزم الناس بإمضاء الطلاق الثلاث، كان الطلاق الثلاث في عهد الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر، كان الطلاق الثلاث واحدا، يعني أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد ـ فإنه يكون واحدة، لكن هو محرم يعني طلاق المرأة ثلاثاً في مجلس واحد حرام، لأنه من تعدي حدود الله ـ عز وجل ـ .
قال عمر ـ رضي الله عنه ـ : ( أرى الناس قد تتايعوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم )، فأمضاه عليهم، وجعل الطلاق الثلاث ثلاثاً لا واحداً بعد أن مضى عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر وسنتان من خلافته ـ رضي الله عنه ـ ألزم الناس بالطلاق الثلاث، مع أن الإنسان لو راجع زوجته بعد هذا الطلاق لكان رجوعه صحيحاً في العهدين السابقين لعهد عمر وسنتين من خلافته، لكن رأى أن المصلحة تقتضي، ايش؟
تقتضي إمضاء الطلاق الثلاث ومنع الإنسان من الرجوع إلى زوجته.
أيضاً عقوبة الخمر في عهد النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ يؤتى بالرجل الشارب فيضرب بطرف الثوب أو بالجريد أو النعال نحواً من أربعين جلدة، وفي عهد أبي بكر يجلد أربعين، وفي عهد عمر يجلد أربعين، لكنه لما كثر الشرب ( جمع رضي الله عنه الصحابة واستشارهم، فقال عبدالرحمن بن عوف : أخف الحدود ثمانون، فجعل عمر عقوبة شارب الخمر ثمانين جلدة ).
كل هذا من أجل إصلاح الخلق، فينبغي للمسلم أو المفتي والعالم في مثل هذه الأمور أن يراعي أحوال الناس وما يصلحهم .