بيان قبح الحيل في استحلال المحرمات مع الدليل وذكر مفاسده. حفظ
الشيخ : والحيلة أقبح من الصراحة، الحيلة أقبح من الصراحة يا عبد الله، كيف ذلك؟
الطالب : ... .
الشيخ : لكن لماذا كانت أقبح من الصراحة؟
الطالب : لأنها جاءت بطريق غير صحيح.
الشيخ : طيب، استرح.
الحيلة أقبح من الصراحة، لأنها تضمنت مفسدتين: مفسدة المحرم الذي احتال عليه، ومفسدة الخداع والخيانة، يخدع من أو يخادع من؟ يخادع الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
يأتي الإنسان لشخص يقول: والله أنا أريد أن تعطيني عشرة آلاف باثنى عشرة ألف.
هذا حرام، نعوذ بالله من يفعل هذا؟ أعطيك عشرة آلاف نقدا وتعطيني اثنا عشر ألف بعد سنة. من يفعل هذا؟ هذا حرام. أقول ماذا نفعل؟ يلا نذهب. نذهب نذهب إلى صاحب الدكان. يأتون إلى صاحب الدكان عندك أكياس رز سكر، رمل، قطن، أدنى شيء، بس هات شيء يوقع العقد عليه وننتهي، اشترى منهم الأكياس هذه، من اشتراها؟ الدائن أم المدين؟
الطالب : الدائن.
الشيخ : الدائن، اشتراها من صاحب الدكان بعشرة آلاف ريال وباعها على الفقير بكم؟ باثني عشر ألف ريال، ثم قال الفقير لصاحب الدكان : اشترها مني، فاشتراها صاحب الدكان بماذا؟ قال : أنا بعتها بعشرة ... أنا بأخذها منك بتسعة آلاف وتسع مائة وخمسين فيضيع على الفقير من جهة صاحب الدكان كم؟ خمسون ريالا. فيكون هذا المسكين بين حجري رحى يأكله الدائن من وجه ويأكله صاحب الدكان من وجه آخر، فيأخذ ... الدراهم.
فبالله عليكم هل هذا عقد صحيح؟ أبدا، هذا تحايل، لأن الدائن لا يريد هذه السلعة أبدا، لو أن صاحب الدكان ملأ هذه الأكياس رملا وقال للناس هذه سكر، يقول للدائن يشتريها وإلا ما يشتريها؟ هو ما يعرف أنها سكر، نعم يشتريها ليش؟ على أنها سكر، لايقلبها ولا يفتشها، ولا شيء.
هذه لا تجوز، هذه أقبح مما لو أعطاه عشرة نقدا باثني عشرة مؤجل.
والله عز وجل لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء (( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )).
وكل إنسان نمى ماله بهذه الطريقة فقد نما من كسب محرم فيكون حريا بأن لا يقبل الله دعاءه.
ومن ذلك أن يكسب المال عن طريق الغش والخداع، فتجده يظهر السلعة بمظهر طيب وهي ايش؟ وهي رديئة فيظن المشتري أنها جيدة ولكنها رديئة، فيشتريها بثمن جيد والبائع يفرح، ماشاء الله غنيمة، فهل هذه غنيمة؟ والله ما هي غنيمة، هو غنيمة على حساب حسناته، لأن هذا المظلوم سيأخذ من حسنات هذا الظالم يوم القيامة، يأخذ من حسناته التي هو أحوج إليها في ذلك الوقت، ولا يستطيع أن يفدي نفسه أبدا.
ومن هذا جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحب تمر فوقف عليه وأدخل يده في التمر، فإذا أسفل التمر قد بلته السماء، مبلول، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال : أصابته السماء يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من غش فليس منا )، وكان الواجب على هذا أن يجعل الرديء فوق حتى يراه الناس ويعرفوه.
ومن ذلك أيضاً أن يكسب الإنسان المال عن طريق الكذب، يقول هذه السلعة بمائة وهي بخمسين، أو بتسعين، لكن يأتيه رجل لا يعرف السعر، غرير بسعر هذه الأشياء، فيشتري لأنه صاحب حاجة وهو لا يعلم السعر، فربما يشتري
ما يساوي مائة بمائتين، وهو لا يدري لكن صاحب الدكان غره، هذه الزيادة التي حصلت له حرام أو حلال؟ حرام، لأنها جاءت عن طريق الكذب.
قد يقول الشيطان لصاحب الدكان إن المشتري اشترى باختياره وبرضاه، والله عز وجل يقول : (( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم )). والمشتري رضي، فليس عليك شيء.
ما جوابنا على هذا الإيحاء الشيطاني؟ أن نقول: لو علم المشتري بأن القيمة حقيقة نصف القيمة التي عينها أيرضى أم لا يرضى؟ لا يرضى، إذن ليست تجارة عن تراضٍ، بل تجارة عن تغرير بهذا الغرير الذي لا يعرف، وكذب ودجل.
ولهذا تقف عند صاحب الدكان حتى في مكة هنا، تقول كم السلعة هذه؟ يقول: هذه بمائة، تروح لواحد عندو دكان جنبو نفس السلعة تقول كم هي؟ يقول بخمسين، فرق، وهو فرق النصف ولا يمكن هذا مما يتراضى به الناس عادة حتى يقول هذا شيء تراضى به الناس فرق الخسمين أمر واضح.
أحيانا تقول له مثلا يقلك هذه السلعة بمائة..
لابد فيه من آداب، منها: أن يتجنب الإنسان أكل الحرام، وإلا كيف يكون هذا البدن المتغذي بما حرم الله عليه أهلا لأن تقبل دعوته؟!
على كل حال أنا أقول ينبغي في هذه الأيام المباركة أن نجتهد في الدعاء، وأن نأمل الإجابة، وأن نتهم أنفسنا بالتقصير والقصور، ولكن نغلب فضل الله سبحانه وتعالى وعفوه ورحمته حتى يكون أملنا في الإجابة قويا، والله سبحانه وتعالى عند حسن ظن عبده به، فمن ظن بالله خيرا وسعى بأسباب الخير فإنه يناله، ومن ظن بالله خيرا ولكنه لم يسع في أسباب الخير فهو في الحقيقة متمن على الله الأماني، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ).
أسأل الله أن يجعلني وإياكم في هذا الشهر من المقبولين، وأن يتم علينا وعليكم بالتوفيق لما يحبه ويرضاه.
والآن نعود إلى الدرس.
الطالب : ... .
الشيخ : بالنسبة للإجابة على فوائد التقوى وصلتنا ثلاث وعشرون إجابة، ولم أتمكن من قراءة إلا ثلاث ورقات فقط ... والجائزة مجهزة ... فأرى أن من الأحسن أن نختار رجلين يجمعان هذه الفوائد، فما كان في بعض الإجابات يضم إلى الإجابات الأخرى حتى تكمل الإجابة إن شاء الله تعالى...
مر علينا فيما سمعنا من كلام الله موضوعان، ولا أدري بأيهما أوفق أن نبدأ: موضوع المنافقين، وموضوع الطلاق وأحكام الطلاق.
المنافقون، وإن شئتم أن نجمع بين الأمرين وأبدأ بواحد منهما؟
الطلاب :...
الشيخ : طيب، يقول بعض الإخوان إن الطلاق أولى لكثرة الموجودين اليوم، والناس في الحقيقة كثر الطلاق فيهم، واستهانوا به استهانة بالغة.