يقول السائل : ما هي البدعة السيئة والبدعة الحسنة .؟ حفظ
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين ، أول سؤال هذه الليلة يقول ما هي البدعة السيئة والبدعة الحسنة ؟.
الشيخ : البدعة لا يمكن أن تكون بدعة حسنة، كل البدع سيئة ، والذي حدثنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمع في خبره كل صفات الكمال في الخبر، لأن خبره صادر عن علم، وعن إرادة حسنة، وعن صدق، وعن فصاحة تامة، فهو أعلم الخلق بدين الله، وهو أصدق الخلق فيما يخبر به، وهو أنصح الخلق لعباد الله، وهو أفصح الخلق فيما ينطق به، كل هذا من الأمور المسلمة عند جميع المسلمين.
وقد قال بكلام واضح جلي : ( كل بدعة ضلالة ) ، ( كل ) ، ( كل بدعة ضلالة ) وهذه الجملة عامة شاملة، مسورة بـ : ( كل ) التي هي نص في العموم، ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة، ومن ادعى أن بدعة من البدع تكون حسنة فدعواه غير صحيحة، لأن هذه الدعوة دائرة بين أمرين :
فإما أن لا يكون أن ما ظنه بدعة بدعة، يعني أنه يظن أن هذا بدعة وليس ببدعة، وإما أن لا يكون ما ظنه حسنا حسنا، أي أنه يظن أنه حسن وليس بحسن .
أما أن يجتمع أنه بدعة وأنه حسن ، فهذا لا يمكن أبدا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كل بدعة ضلالة ) .
ومن قسّم من أهل العلم البدعة إلى أقسام، فإنك إذا تأملت كلامه ، وجدت أن ما ظنه بدعة ليس ببدعة، لأن البدعة أن يبتدع الإنسان في دين الله ما ليس منه، لا أن يبتدع وسائل ليست معروفة في عهد النبوة يتوصل بها إلى تحقيق أمر شرعي، فإن الوسائل الموصلة إلى أمر شرعي تكون بحسب هذا المقصود، ولهذا كان من العبارات المعروفة عند أهل العلم أن للوسائل أحكام المقاصد .
فمثلا : من البدع التي لم تكن معروفة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ولكنها بدعة وسيلة ، تصنيف الشرع، تصنيفه وتبويبه وتقسيمه، مثلا هذا علم تفسير وهذا علم حديث، وهذا علم توحيد، وهذا علم فقه، ثم علم الفقه ، هذا كتاب طهارة وهذا كتاب صلاة وهذا كتاب الزكاة وهذا كتاب الصيام وما أشبه ذلك، هل نحن نجد في الأحاديث النبوية تقسيما كهذا ؟.
لا، ولا أعلمه كذلك في كلام الخلفاء الراشدين، لكن أهل العلم قسّموه إلى ذلك لحاجة الأمة لهذا التقسيم، فهو من باب تقريب العلم وحصر العلم حتى لا تتشتت أذهان الناس ، وحينئذ لا نقول هذا بدعة ، بل هو أيش ؟ .
وسيلة مبتدعة لتحقيق أمر ثابت شرعيّته، أو لتحقيق أمر قد ثبتت شرعيّته، فليس هذا من باب البدع .
كذلك لو قال قائل : المصحف كان في عهد النبوة غير مكتوب على هذا الوجه، والآن كتب وشكّل ونقّط فهذا بدعة، فماذا نقول ؟ .
نقول هذه بدعة غير مستقلة، لكنه وسيلة لتحقيق أمر مشروع وهو ضبط القرآن وحفظه حتى لا يلحن الناس فيه ، ويتعدّون الحدود فيه، ومع الأسف في عصرنا الحاضر أن القرآن منقوط ومشكل ومعرب، وكثير من الناس يقرؤه مكسّرا ، وهم أيضا عرب والقرآن عربي، وتجده يقرأه مكسّرا، لا يمكن أن يقرأه على وجه صواب .
وهذه من المصائب أن يوجد أحد في المسلمين لا يستطيع إقامة حروف القرآن، ولكن ولله الحمد في العهد الحديث بدأت مدارس تحفيظ القرآن تنتشر في المساجد وعلى المستوى الرسمي، وصار الناس ولله الحمد لديهم إقبال كثير على حفظ القرآن وتلاوته على الوجه الأكمل، وهذا من نعمة الله التي من بها على هذا العصر فنسأل الله المزيد من فضله .
المهم أنه لا يوجد بدعة حسنة إطلاقا، ومن قال عن بدعة أنها حسنة فإنه : إما أن لا يكون أن ما ظنه بدعة بدعة، أو لا يكون ما ظنه حسنا حسنا، أما أن يجتمع بدعة وحسنة فهذا شيء مستحيل.