يقول السائل : الغارمون هل تسدد ديونهم بعد موتهم وكيف تسدد إذا لم تسدد من الزكاة .؟ حفظ
السائل : يقول السائل الغارمون هل تسدد ديونهم بعد موتهم ؟ وكيف تسدد من الزكاة ؟.
الشيخ : نعم، الغارم بعد الموت لا يسدد دينه من الزكاة على قول جمهور أهل العلم ، بل قد حكاه أبو عبيد وابن عبد البر إجماع أهل العلم ، ولكن الواقع أن العلماء لم يجمعوا على ذلك ، فإن من أهل العلم من أجاز قضاء دين الميت من الزكاة . ولكنه قول عندي مرجوح .
والقول الراجح أن دين الميت لا يقضى من الزكاة كما هو رأي جمهور أهل العلم، ودليل ذلك من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه قضى ديون الغرماء من الزكاة مع أنهم أحيانا يكونون في حاجة إلى ذلك ، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام : ( كان إذا قدم إليه الميت سأل : هل عليه دين ؟ فإن قالوا : لا دين عليه ، صلى عليه ، وإن قالوا : عليه دين لا وفاء له، لم يصل عليه وقال : صلوا على صاحبكم ) فلما فتح الله عليه وكثر المال عنده صار صلى الله عليه وسلم يقول : ( أن أولى من المؤمنين بأنفسهم ، من ترك دينا فعلي قضاؤه ) وصار يقضي الديون مما فتح الله عليه من بيت المال، ولو كان قضاء دين الميت جائزا من الزكاة لكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقضيه من الزكاة لأن الزكاة كانت واجبة قبل أن تفتح الفتوح، هذا من جهة النص .
أما من جهة التعليل فلأننا لو أبحنا قضاء ديون الأموات عنهم لكانت عاطفة الأحياء على الأموات أكثر من عاطفتهم على الأحياء، وصرفوا الزكاة إلى ديون أبائهم وأجدادهم وإخوانهم وأعمامهم التي مضى عليها سنوات ثم حرموا الأحياء من قضاء ديونهم ، ونحن نرى أن قضاء دين الحي أولى من قضاء دين الميت حتى في الصدقة التي ليست بواجبة، لأن الحي يذل بالدين ويتألم ، والميت إذا كان قد أخذ المال ويريد أداءه فإن الله يؤدي عنه ، وإذا كان أخذها يريد إتلافها فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله ) .
وخلاصة جوابي على هذا السؤال : أنه لا يجوز قضاء دين الميت من الزكاة ، وأما من قضاه من صدقة التطوع فهذا طيب ويشكر عليه .