سئل عن صلاة التسابيح.؟ حفظ
السائل : هل أنت مشغول يا شيخ فلا تستطيع أن تتحدث؟
الشيخ : تفضل، إيش عندك؟
السائل : كنا نراجع نتدارس حديث صلاة التسابيح، في بعض طلاب العلم كأنهم يقولون في هذا الحديث شيء، وعندما تدارسنا السند فكان يتكلمون عن المتن ويذكرون أن المتن قدح فيه، لأن الصلاة هذه لم يأت لها هيئة سابقة ولا معتادة، فالسؤال هل تكلم أحد في المتن؟
الشيخ : تكلم بعضهم كما نقلت عن بعضهم.
السائل : يعني تكلم في المتن؟
الشيخ : أنا ما أقول تكلم في المتن، أقول تكلم بعضهم كما تكلمت أنت عن بعضهم، يعني قالوا إن هذه الصلاة تخالف هيئات الصلاة المعروفة الثابتة، هذا الذي قالوه.
السائل : من من المشهورين أو المعروفين في هذا الفن؟
الشيخ : إمامنا ابن تيمية ومن قبله ابن الجوزي.
السائل : رواه في الموضوعات.
الشيخ : أيوه. لكن كلامه مردود، لأن هذه العلة علة منطقية عقلية، ولا قيمة لها في نقد المتون الحديثية، لعلك تذكر معي صفة صلاة الكسوف وأنها ركعتان في كل ركعة ركوعان، فهذه صلاة تميزت على كل الصلوات المعهودة، فماذا يضر بعد ثبوت الحديث بذلك عن الرسول عليه السلام، على الرغم من مخالفة الحنفية لهذه الكيفية، فما يضر هذا النقد إطلاقا، يجب على كل حديثي يتوجه إلى نقد الأحاديث أن يكون نقده إياها من حيث إسنادها لا من حيث متونها، ولكن إذا لم يثبت الحديث حديث ما من حيث إسناده حينئذ يتوجه الناقد إن كان عنده منطق إلى نقد المتن أيضا، فيصبح الحديث ضعيفا سندا منكر متنا.
وإياك أن تغتر أنت أو غيرك بما جاء في مقدمة ابن الصلاح وغيرها من كتب المصطلح، أنه قد يكون إسناد الحديث صحيحا ومتنه غير صحيح، إياك ثم إياك، لأن هذا الكلام على إطلاقه ليس صحيحا في واقعه، ولابد من ترقيعه بتأويله حتى يستقيم الكلام، وذلك بأن يعني إسناده صحيح بغض النظر عن بعض شروط السند الصحيح التي منها أن لا يشذ ولا يعل، فقد يكون الإسناد قال فيه فلان إسناده صحيح، وهو معذور لأنه لم تتبين له العلة، والعلة كما قد تعلم إن شاء الله تنقسم إلى قسمين:
علة جلية وعلة خفية، والعلة الثانية هي التي تخفى على كثير من العلماء فضلا عن غيرهم، فإذا قال قائلهم: قد يكون إسناد الحديث صحيحا، فهو بهذا التأويل إما إسناد صحيح سالم من أي علة، ويكون المتن منكرا ضعيفا، هذا لا وجود له في الدنيا، إذا عرفت هذه الحقيقة فينبغي كما قلت آنفا أن يتوجه الناقد إلى الحديث بنقد الإسناد، فإذا سلم السند سلم المتن.
وإلا فتحنا طريقا على أناس يدعون أن الإسلام ليس سوى القرآن فقط، لأنهم وجدوا أحاديث كثيرة غير صحيحة، وبخاصة حينما فتحوا باب النقد للمتون الذي يسميه بعض المعاصرين المقلدين للكفار المستشرقين بالنقد الداخلي، يسمون نقد المتن بالنقد الداخلي، فلما توسعوا في النقد لم يسلم لهم من الحديث إلا القليل القليل جدا، ولذلك أيضا أعرضوا عن هذا القليل واكتفوا بالقرآن فخرجوا عن الإسلام باسم القرآن.
خلاصة الكلام حديث التسبيح لا ينزل عن مرتبة الحسن، وهو عندي صحيح بمجموع طرقه، ويكفي في ذلك أن يعلم طالب العلم أن أحد أئمة السلف وهو عبد الله بن المبارك إمام إمام أهل السنة الإمام أحمد، كان يصلي هذه الصلاة التي يريد أولئك الناس الذين ينقدونها متنا أن يسموها بحديث شاذ أو منكر، فمثل هذا الحديث وقد جاء من طرق كثيرة، وبعضها ليس فيها إلا الضعف اليسير الذي يتقوى بمثله، وقد عمل به ذلك الإمام، فلا تغتر بما ينقل من الكلام عن بعض أئمة الإسلام في تضعيف أسانيده، أو في الحكم على الإسناد بالنكارة، هذا ما عندي.
السائل : بالنسبة لما قلت كأنهم ذهبوا إلى مقدمة ابن الصلاح فكنا نتكلم فقال ذكر أنه يكون كما قلت إنه يكون السند صحيح والمتن فيه نكارة، وضربوا مثال على حديث في البخاري، ولم أطلع عليه ولكن كان في أثناء الحوار وأثناء المناقشة يقول ( أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج وهو حرام ) هل هذا في البخاري؟
الشيخ : نعم، هذا ( تزوج ميمونة وهو محرم ) في صحيح البخاري نعم.
السائل : كأنهم يقولون هذا سنده صحيح وفي البخاري، مع هذا العلماء أنكروا هذا المتن.
الشيخ : هذا مثال صالح لما قلت لك آنفا، أن المقصود أنه قد يكون الإسناد صحيحا أو المتن شاذا أو منكرا، أي صحيح باعتبار النظر، نظر الضعف في هذا الإسناد، ولكن حينما تجمع طرق الحديث فيتبين أن فيه علة او فيه شذوذ، حينئذ لا يقول هذا المتبين لتلك العلة أو لذاك الشذوذ هذا إسناد صحيح، كيف وصاحبة العلاقة وهي ميمونة تقول : ( تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حلال ) ولذلك فهذا الحديث إذا قيل إسناده صحيح فيجب أن يفسر بأن رجاله رجال الصحيح وهو كذلك فإنه صحيح، ولكنه لم يخل من علة قادحة لو لم يكن حديث ميمونة المصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي حلال لقلنا كما قال ابن عباس في حديث الصحيحين تزوجها وهو محرم، لأنه ليس عندنا ما يقدح ويبين شذوذ هذا الحديث أما وقد جاء حديث ميمونة من طرق عدة أنه عليه السلام تزوجها وهو حلال ... في شيء آخر عندك أم أقول لك السلام عليكم؟.