بيان خطورة الغيبة للصائم . حفظ
الشيخ : وما أكثر الذين ليس لهم من صومهم إلا الجوع والظمأ ما أكثر الذين يصومون عمّ أحل الله ولكنهم ينتهكون ما حرم الله ، من ذلك مثلاً الغيبة فإن من الناس عن يصوم عن الأكل والشرب والنكاح ولكنه يأكل لحوم الناس يصوم عن الشيء الحلال ويأكل الشيء الحرام والغيبة من كبائر الذنوب قال الله تعالى : (( وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ? أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ? )) ولاسيما إذا كانت غيبة أولي الأمر من العلماء والأمراء ، فإنها تكون أشد وأعظم ، لأن غيبة أولي الأمر إن كان من العلماء فإن الناس لا يقبلون ما يقولون ، إذا كانت تشوه سمعهم عند الناس ، ويقال فيهم كذا وتعد أخطاؤهم وليس أحد معصوم من الخطأ فإن هذا يوجب قلة الثقة بأقوالهم وعدم قبولها وإن كانت الغيبة لولاة الأمور من الأمراء فإذا ذلك يوجب التمرد عليهم وأن تنسى محاسنهم ولا تذكر إلا مساوؤهم ونحن نقول إن الأمراء والعلماء يخطؤون كغيرهم فكل بنوا آدم خطاء ، ولكن الناصح حقيقة هو الذي إذا رأى خطأ من ولي الأمر ، من أمير أو عالم أن يتصل به وينبهه عليه لأنه قد يكون غير مخطئ قد تظن أنه أخطأ وليس بمخطئ يكون الخطأ من عندك أنت ، فلهذا كان الناصح حقاً هو الذي إذا رأى خطأً من أهل العلم أو ولاة الأمور أن يتصل بهم شفوياً أو كتابة وينبهه وتبرأ بذلك ذمته ، وإذا كانت الغيبة من كبائر الذنوب فإننها نرى بعض الصائمين يجلس إلى البعض ويغتاب عباد الله فيأكل لحومهم وقد روى الإمام أحمد بإسناد فيه ضعف لكن لا بأس من ذكره للاستشهاد به أن امرأتين صامتا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فجلست إحداهما إلى الأخرى تأكلان لحوم الناس فعطشا عطشاً شديداً حتى كادتا تموتا من العطش فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا بهما فأمرهما أن تقيئا فقائتا قيحاً وصديداً ولحماً عبيطاً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن هاتين المرأتين صامتا عن ما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما ، جلست إحدهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس ) وهذا الحديث لا شك أن سنده ضعيف لكن يذكره كثير من أهل الوعظ تخويفاً وتحذيراً ولو لم يكن من الغيبة إلا أن الله شبهها بأكل الميت فقال : (( أيحب أن يأكل أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه )) .