تنبيه على خطأ أداء الصلاة بالميكرفون الخارجي لأنه يشوش على البيوت والمساجد القريبة . حفظ
الشيخ : وهي أن بعض الناس يستعمل هذا الصوت على وجه يؤذي الآخرين كما يوجد في بعض المدن والقرى ، يؤدون الصلاة بالميكرفون ، ويسمع من على المنارة ويسمعه جيران المسجد ، من المساجد أو من البيوت فيشوش عليهم يشوش تشويشاً بالغاً حتى أنه بلغنا أن بعض الناس الذين يصلون خلف هذا الإمام إذا سمعوا قراءة المسجد الثاني بمكبر الصوت وكان صوته لذيذاً وقراءته جيدة صاروا يستمعون إلى قراءته وتركوا الاستماع إلى قراءة إمامهم وصار إمامهم كأنما يقرأ على خشب مسند ، لا يستعمون إلا إلى قراءة المسجد الجيد ، وبلغني أن بعض الناس كان يستمع إلى قراءة الأمام الثاني في المسجد الثاني ، فلما قال : ولا الضالين قالوا : آمين وإمامهم يقرأ بالفاتحة ما كمل ، لكن استمعوا إلى قراءة المسجد الثاني ولا شك أن هذا وقوع فيما نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام ، ومعصية للرسول ومن فعل ذلك فهو إلى الإثم أقرب منه إلى السلامة لأنه يؤذي إخوانه ويشوش عليهم ، خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات يوم وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال لهم عليه الصلاة والسلام : ( كلكم يناجي ربه ، فلا يجهرن بعضكم على بعض في القرآن ، أو قال : في القراءة ) وقد روي في هذا حديثان قال ابن عبد البر رحمه الله إنهما صحيحان أحدهما في الموطأ والثاني في أبي داوود ولفظ أبي داوود : ( فلا يؤذين بعضكم بعضاً ) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا أذية وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه يؤذي ويشوش ويتعب فإذا أنكر إنسان الصلاة في المسجل من هذه الناحية فإنكاره صواب ولا غير صواب ؟ إنكاره صواب لأن هذا هو الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما أدري ماذا يكون جواب من فعل ذلك عند الله يوم القيامة إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة ) أو ( لا يؤذين بعضكم بعضاً ) وثبت أن هذا يشوش على الآخرين أو يؤذيهم ما أدري ماذا يكون جواب هذا الفاعل الذي بلغه حديث الرسول عليه الصلاة والسلام وهو حديث صحيح صححه ابن عبد البر ، بل حديثان عن الرسول حديثان اثنان ويكفي من الدليل حديث واحد والله ما أدري ماذا يكون جوابه وما أدري ماذا يكون إحساس بإخوانه وهم ساجدون تبعاً لإمامهم يريدون أن يدعوا الله وصوت هذا يخرق آذانهم بالقراءة ولا يدرون ماذا يدعون به ، جناية عظيمة على الآخرين ، مع أن الفائدة من هذا قليلة جداً إن قدر أن فيه فائدة فإذا أنكر إنسان هذا الصوت ، أو استعمال المكبر من هذه الناحية فإنكاره صحيح ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يشوش الناس بعضهم على بعض أو يجهر بعضهم على بعض ، وقد صرح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه بأنه ليس للإنسان أن يفعل ما يشوش به على المصلين ذكره في الفتاوي وغيرها ، ونحن في غنىً عن كلام أي إنسان ما دام عندنا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال : ( لا يؤذين بعضكم بعضاً ) أو ( لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة ) فالإنكار على هذا الوجه إنكار صحيح في محله ولهذا فإني من هذا المكان أحمل من سمع هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المسؤولية أمام رب العالمين إذا سأله ماذا صنع في التشويش على إخوانه ، وكونهم يدعون من أمروا بالإنصات له فيستمعون إليه ، ونسأل الله لأخواننا الهداية ،الواقع أن هذا مما أشرنا إليه قبل قليل وهو تغليب العاطفة على العقل ، الإنسان إذا تعقل وقال ما الذي يحملني أن أعصي الرسول عليه الصلاة والسلام وأؤذي أخواني وأشوش عليهم ، في أمر لا فائدة منه والفائدة منه قليلة ، يعني لو قدر أن فيه فائدة فالفائدة قليلة .