تحذير الشيخ الشباب من التسرع في الفتوى . حفظ
الشيخ : لهذا ولغيره من الأمور التي نسمع عنها أهيب بشبابنا الذين آتاهم الله شيئاً من العلم أن لا يتعجلوا في الفتوى حتى يتأنوا وينظروا في الأمر من جميع الجوانب ، لأن المفتي لا يتكلم إلا عن الله وعن رسوله فهو يقول : هذا شرع الله ورسوله وسيسأل عن كل شيء من هذه الأمور سيسأل عن ما أفتى به من أين أخذ وهل له معارض ، هل للعام مخصص ، هل للمطلق مقيد ، هل لهذا ناسخ حتى يتبين الحق ، إن الإنسان لو أراد أن يسافر إلى بلد أليس يسأل عن جميع الطرق المؤدي إلى هذا البلد ويسأل عن هذه الطرق هل هي مسهلة ولا صعبة ؟ وله فيها قطاع طريق أو ليس فيها قطاع طريق ؟ ولا يمكن أن يقدم على هذا الطريق حتى يعلم أنه طريق سليم موصل للبلد الذي أراد هكذا الشريعة ، يجب علينا أيها الأخوة أن لا نتسرع وأن لا نتعجل في الفتوى وأن نتأمل وننظر من جميع الجوانب لا ننظر إلى النصوص بعين أعمى أو بعين أعور لا يرى إلا من جانب واحد أو يحكم وهو قد أغمض عينيه ولم يبصر الحق ، هذه المسألة خطيرة جداً، خطيرة على المفتي أولاً بغير علم محقق مدقق ، وخطيرة بالنسبة للمسلمين عموماً لأنه يوقع المسلمين في بلبلة وفي شكوك في أصل دينهم وفرعه ، لأن الناس عامة لا يعرفون الغث من السمين فإذا أفتوا بأمر وهو خلاف الحق وإنما هو مبني على فهم قاصر وعلى علم قليل ، صار في ذلك من الخطر ما فيه، لذلك أهيب بكم وأنا أنصح نفسي قبل أن أنصحكم في هذا الأمر أن لا نتسرع في الفتوى حتى نتبين الأمر من جميع جوانبه وحتى يكون لنا عذر أما الله عز وجل ولهذا كان السلف وهم أحرص منا على العلم والخير، كانوا يتدافعون الفتيا ، إذا جاءهم إنسان قالوا اذهب إلى فلان فإنه أعلم مني ، اذهب إلى فلان فإنه أعلم مني ، سئل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن مسألة في الفرائض وهي بنت بنت ابن وأخت شقيقة فقال للنت النصف وللأخت الباقي واذهب إلى ابن مسعود فاسأله ، فذهب هذا الرجل إلى عبد الله بن مسعود فسأله ، قال اذهب إلى ابن مسعود ... على ذلك فذهب الرجل وأخبر ابن مسعود بما قال أبو موسى فقال : ( قد ضللت إذن وما أنا من المهتدين ، لأقضين فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت ) الشاهد من هذا أن أبا موسى وهو من الصحابة رضي الله عنهم لم يعتمد على نفسه في الفتيا حتى أحال الأمر على من هو أعلم منه ، وكوننا نتسرع في الفتيا كأننا نتاجر في الوصول والظهور إلى العلم هذا أمر خطير له عاقبة وخيمة ، وأسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم وأن يجعلنا ممن رأى الحق حقاً واتبعه ورأى الباطل باطلاً واجتنبه إنه جواد كريم .
بعد هذه الكلمة فيما يتعلق بهذه الليلة ليلة السابع والعشرين نرجع إلى درسنا في الليلة الماضية .