سائل يقول: إذا أهدى لي شخص هدية من مال حرام تكون حلالا لي وإذا كانت حلالا فهل تركها ورع وإذا لم يكن تركها ورع فمتى يكون الورع مشروعا ؟ حفظ
الشيخ : طيب نقول الواقع أنه لا إشكال لأن الذي شرع في الصوم شرعه ملتزما به وهذا كالنذر يجب على الإنسان أن يوفي به ، فلما شرع به فيه صار في حقه واجبا صار في حقه واجبا ، فإذا أبطله بالأكل أو الشرب أو الجماع قلنا يجب عليك قضاؤه لأنك بشروعك في الصوم صار الصوم واجبا في حقك فيلزمك أيش ؟ أن تتمه أن تقضيه بخلاف ما لو ترك الصوم رأسا يعني قال في نفسه أنا لا أصوم يوم الأربعاء لأني بطلع في نزهة أو لا أصوم لأن عندي تمرينات في يوم الخميس فأحب أن أكون نشيطا ، فهذا فهل هذا يؤمر بالقضاء ؟ لماذا ؟ لأنه ترك الصوم أصلا لم يصم ، يعني كأنه نقل هذا اليوم الذي في رمضان إلى الوقت الثاني فهذا هو الفرق بينهما ، نعم.
السائل : إذا أهدى إليّ شخص هدية من مال حرام تكون حلالا لي وإن كانت حلال فهل تركها ورع وإن لم يكن تركها ورع فمتى يكون الورع المشروع ؟
الشيخ : إذا أهدي للإنسان هدية وكان المهدي ممن عرف بأكل المحرم فهل يقبلها هذا المهدى إليه ؟ لا تتعجل يا أخي ، نقول فيها تفصيل إذا كان هذا المهدى محرما لعينه محرما لعينه فإنه لا يجوز للمهدى إليه أن يتقبله
مثاله لو أهدى إليك شخص جرة خمر هل تقبل ؟ ليش ؟ لأن هذا محرم لعينه ، طيب لو سرق إنسان بهيمة شخص وجاء بها إليك وقال اشتر هذه البهيمة أو أهدى إليك هذه البهيمة هل يجوز أن تقبل ؟ لماذا ؟ لأنه محرم لعينه أعرف أن هذه الشاة مثلا شاة فلان لكن هذا وجدها بالبر وجاء بها وباعها نقول هذا لا يحل للمشتري أن يشتريها لأنه يعلم أن هذه الشاة بعينها حرام
طيب القسم الثاني ما كان حراما لكسبه فهذا حرام على الكاسب دون غيره ، مثال هذا الربا ، رجل يرابي ونعرف أنه يرابي فدعانا مثلا إلى الوليمة هل نجيبه أو لا ؟ نعم ، نجيبه لأن الربا ليس محرما لعينه فنحن نجيبه ، ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هدية اليهود وأجاب دعوتهم ، وإذا كان قد أجاب دعوتهم يعني لما دعوه وقبل هديتهم علم بأن مالهم حلال لنا ، نعم ، نعم ؟
السائل : ...
الشيخ : نعم
السائل : ...
الشيخ : أما سؤاله عن الورع المشروع ، فالورع المشروع ما قامت فيه قرائن الشبهة ، أما ما لم تقم فيه قرائن الشبهة فإنه ورع مظلم كما قال الإمام أحمد وقد سئل عن الرجل يكون إلى جنب الرجل أيغمس قلمه في محبرته عند الكتابة ؟ فاهمين الصورة ؟ فيما سبق كان الناس لا يكتبون بهذه الأقلام المهيئة ، يكتبون من؟ يكتبون لا بالريش لا بأس لكن من دواة من دواة ، محبرة ، فنقول لو جاء شخص وقال لزميله أتسمح لي أن أغمس قلمي في محبرتك ، نقول سئل الإمام أحمد عن هذا فقال هذا ورع مظلم ، ورع مظلم ورع مظلم، لأن فيه تنطعا في الدين ، ومثل ذلك لو أن رجلا في وسط فلاة وعنده سيارة من السيارات الكبار وجاء لصاحب السيارة فقال أتسمح لي أن أستظل بظل سيارتك ، نقول هذا ورع مظلم ، ... ظل السيارة ، ظل السيارة من الله عز وجل هو الذي جعل هذا الجسم الكثيف يظلل الشمس
ولو أن شخصا طلب من إنسان أن يعبر من بيته إلى السوق يعني أن بيت هذا الرجل قد حال بيني وبين السوق وأردت أن أمر مع بيته فهل يحتاج إلى إذن ؟ نعم فالورع في هذه الحال أن لا أمرّ ، وقد ذُكر عن الإمام أحمد رحمه الله وهو معروف بالزهد أنه جاءته امرأة فقالت " يا أبا عبد الله إننا نغزل في الليل " ، أتعرفون الغزل ؟ هاه ، الغزل هو إحكام الصوف حتى يكون أسلاكا ، " وإن أنوار السلطان تمر بنا فإذا مرت بنا أنوار السلطان " وهي قوية " إزداد إنتاجنا فهل تحل لنا هذه الزيادة ؟ " شوف السؤال ، يزيد غزلهم بمرور أيش ؟ أنوار السلطان فتسأل هل يحل لنا أجر هذه الزيادة ، فقال الإمام أحمد رحمه الله " نعم نعم " ، فانصرفت المرأة ، ولما انصرفت قال الإمام أحمد لرفيقه " ما هذا السؤال كيف تسأل هذا السؤال ؟ " قال " يا أبا عبد الله هذه أخت إبراهيم بن أدهم أو قريبة إبراهيم بن أدهم " ، وإبراهيم بن أدهم رحمه الله معروف بماذا؟ بالورع ، فناداها الإمام أحمد وقال لها " لا تفعلي " يعني لا تكثري الغزل إذا مرت أنوار السلطان ، وقال " من ها هنا يخرج الورع " ، من هاهنا يعني بيت إبراهيم بن أدهم يخرج الورع ، فالحاصل أن الورع هو ما كان فيه شبهة قوية توجب للإنسان التوقف فهذا يكون الورع واجبا ، أما إذا لم يكن هناك شبهة فإن الورع تضييق وليس من الشريعة في شيء ، نعم.