سائل يقول : لقد تحدثتم عن الفتنة التي وقعت ونحمد الله أنها انتهت بدحض الظلم ولكن ترتبت عن هذه الفتنة الواقعة البلبلة الكثيرة بين الشباب حتى بلغ الأمر لبعضهم أنه أخذ يقدح في القيادات العلمية من كبار العلماء وأخذ تارة يصفهم بالمتهاونين حتى أن بعضهم أخذ به الأمر أكثر من ذلك فما نصيحتكم لهؤلاء الشباب ؟ حفظ
السائل : يقول السائل : لقد تحدثتم عن الفتنة التي وقعت ونحمد الله أنها انتهت بدحض الظلم ولكن ترتبت على هذه الفتنة أن وقع الكثير من البلبلة بين الشباب حتى بلغ الأمر ببعضهم أنه أخذ يقدح في القيادات العلمية من كبار العلماء وأخذ تارة يصفهم بالمتهاونين حتى إن بعضهم أخذ به الأمر أكثر من ذلك فما نصيحتكم لهؤلاء الشباب؟
الشيخ : نصيحتي لهؤلاء الشباب أولاً أن يعلموا أن الخلاف في الرأي قد يؤدي إلى اختلاف القلوب وأن اختلاف القلوب هو قتل الأمة، لأن الله تعالى يقول: (( لا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )) والنبي عليه الصلاة والسلام قال: ( لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ) ثم هذا النزاع الذي حصل أو هذه البلبلة فيما أرى أنها خطأ لأن الواجب على كل إنسان أشكل عليه تصرف شخص أن يتصل بهذا الشخص وأن يسأله لماذا أصدر هذا الحكم ولماذا فعل هذا الفعل حتى يكون على بصيرة من أمره أما أن يتخذ من تصرف شخص أو حكم يظن أنه خطأ فيتخذ من هذا لساناً سليطا على هذا الرجل الآخر فلا شك أن هذا حرام وقلة فقه في الدين وفي الواقع وإذا كان اغتياب الواحد من الناس حراماً ومن كبائر الذنوب فاغتياب الواحد من العلماء أكبر وأعظم، لأن اغتياب العالم ليس اغتياباً لشخصه بل هو اغتياب له شخصياً وهو أيضا اغتياب لما يحمله من العلم والشريعة وتعلمون جميعاً أنه إذا نقص قدر العالم في قلوب الناس فسينقص ما يقوله من الشريعة وسيكون غير مقبول، إذن فاغتياب العلماء أكبر بكثير من اغتياب سائر الناس والواجب على الإنسان أن يحمي لسانه عن اغتياب إخوانه المسلمين ولاسيما اغتياب العلماء ولا يجوز للإنسان الناصح لله ولكتابه ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم أن يكون جباناً لا يجوز له أن يكون جباناً لماذا لا يقدم ويتقدم إلى الشخص الذي يظن أن تصرفه خطأ أو أن حكمه خطأ لماذا لا يقدم ويتقدم إليه ويسأله هل أحد يمنعه من ذلك يتقدم ويسأل وكثيراً ما ينسب إلى بعض الناس أقوال لم يقلها ولم يتكلم بها فيبني على هذا النقل الكاذب يبني عليه حكماً يأثم به فأقول إن الإنسان الشجاع الناصح هو الذي إذا سمع خطأ عن شخص أياً كان الشخص يتصل به ويسأله ويناقشه فربما تظن أن هذا المنقول عن الشخص صحيح وليس بصحيح وربما يكون صحيحاً فتظن أنه خطأ يعني خطأ في الحكم وليس بخطأ، وكثيرا ما يأتي شخص إلى الإنسان ويقول إنك قلت كذا وكذا فيقول لم أقله، إذان صار نقله كذباً أو صدقاً؟ واحد جاء إليك وقال إنك قلت كذا وكذا فقلت: أنا لم أقله، فالنقل عنك يكون كذباً أو صدقاً، كذبا طيب كثيرا ما يأتي إليك ويقول إنك قلت كذا وكذا فتقول نعم قلت كذا وكذا فيقول هذا خطأ فأقول أين الخطأ فيبين ما عنده فأقول هذا الذي عندي وأبين ما عندي أنا ثم يقتنع ويذهب قانعاً بذلك أو مثلاً يكون ما قال إنه خطأ يكون صواباً وأرجع أنا عن قولي والإنسان الذي يريد الحق يرجع إلى الحق سواء وافق قوله أم خالفه ولا يخفى علينا جميعاً ما يحصل من رجوع أئمة المسلمين عن أقوالهم إذا قالوها وتبين لهم أن الحق في سواها فها هو الإمام أحمد رحمه الله كثيراً ما يقول إنه قال كذا ولكنه رجع عنه وكذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينقل عنه أنه قضى في قضية من الفرائض بحكم ثم قضى فيها بحكم مضاد ونقول هذه القضية لننظر رأيكم أنتم هل توافقون عمر في أول رأيه أو في آخره؟ هلكت امرأة عن زوج وأم وأخوين من أم وأخوين شقيقين، أعيد المثال زوج وأم وأخوين من أم وأخوين شقيقين أعيدها مرة ثانية هلكت امرأة عن زوج وأم وأخوين من أم وأخوين شقيقين وخلفت ستة ملايين إيش نقول؟ قال قائل للزوج النصف كم مليون؟ ثلاثة ملايين وللأم السدس لأن فيه جمع من الإخوة كم؟ واحد مليون وللأخوين من الأم الثلث كم؟ مليونين وللأخوين الشقيقين البكاء والعزاء وليس لهما شيء طيب هذا حكم، حكم آخر قال للزوج النصف كم؟ ثلاثة ملايين وللأم السدس مليون واحد وللأخوين من الأم والأخوين الشقيقين الباقي، لكل واحد كم؟ هم أربعة وباقي مليونين، كل واحد؟ كيف ما تعرفون الحساب الله يهديكم، اي نعم لكل واحد نص مليون خمسمئة ألف طيب أيهما نأخذ؟ عمر رضي الله عنه حكم بالأول ثم رجع وحكم بالثاني ولكن الصواب حكمه الأول أن الأخوين من الأم لهما الثلث مليونين وأن الأخوين الشقيقين ليس لهما شيء عرفتم؟ هذا هو الصحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ) فإذا ألحقنا الفرائض بأهلها لم يبق للإخوة الأشقاء شيء ألحقنا الفرائض بأهلها قلنا للزوج كم؟ النصف لأنه ليس للزوجة أولاد الأم
الطالب : السدس
الشيخ : لأن معنا جمعاً من الإخوة، الأخوين من الأم الثلث بنص القرآن قال الله تعالى: (( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث )) وش بقي؟، وش بقي من المال؟ لا شيء فنقول للإخوين الشقيقين ليس لكما شيء واضح يا جماعة؟ هذا هو الحق وهو الصحيح وأنا جئت بهذا المثال أريد أن أقول إن الإنسان الذي يريد الحق إذا تبين له الحق رجع إليه ولو كان قد قال الخطأ يرجع عن الخطأ فإذا نقل لكم عن شخص شيئاً استنكرتموه فقد يكون الناقل كاذباً وقد يكون الناقل صادقاً لكن الصواب مع الشخص لا معكم فالواجب أن يكون الإنسان شجاعاً إذا نقل له عن إنسان شيء فليتصل به وليقل بلغني عنك كذا وكذا هل هذا صحيح أو غير صحيح؟ حتى يكون ناصحاً له أما أن يجعل من هذا سبباً لاغتيابه والكلام فيه كما ذكر السائل فهذا خلاف النصح وخلاف العدل وخلاف الحق نعم.