تفسير قوله تعالى :" فمن عفى وأصلح فأجره على الله " . حفظ
الشيخ : ثم قال الله عز وجل: (( فمن عفا وأصلح فأجره على الله )) من عفا عن من؟ عمّن أساء إليه وأصلح فأجره على الله، وإذا كان أجره على الله فإنه سيكون أعظم مما لو كان الأجر من سيئات هذا الجاني، لأن الجاني لابد أن يقتص منه إما في الدنيا وإما في الآخرة إذا لم يعف صاحب الحق فيقول الله عز وجل: (( من عفا )) يعني عمّن أساء إليه (( وأصلح فأجره على الله )) وانتبه لهذا القيد وهو قوله: (( فمن عفا وأصلح )) فإنه قيد مهم يتبين به أن العفو لا يكون خيراً إلا إذا كان مصحوباَ بالإصلاح أما لو كان غير مصحوبٍ بالإصلاح فإنه ليس بخير، وعلى هذا فإذا جنى شخص معروف بالشر على إنسان فهل يكون من الحكمة أن يعفو عن هذا الشخص المعروف بالشر؟ أجيبوا يا جماعة لا لماذا؟ لأن هذا العفو لا يكون به إصلاح ربما إذا عفا عن هذا الشخص المعروف بالشر يتعدى شره إلى أكبر وأعظم، ولو أن شخصاً معروفاً بالخير ولكن لسبب ما اعتدى على شخص فهل نقول إن العفو هنا مطلوب؟ نعم، لماذا؟ لأن العفو هنا إصلاح، فإن هذا الرجل المعروف بالاستقامة وعدم العدوان إذا عفي عنه كان في هذا تشجيع له على الخلق الفاضل الذي هو ملتزم به وهذا كما تعلمون يقع كثيراً، كثيرا ما يثار الشخص وهو رجل طيب فيحصل منه عدوان على الذي أثاره ففي هذه الحال إذا علمنا أن هذا الذي أثير حصل منه العدوان بسبب الإثارة لا من أجل أن طبيعته الشر فإننا ندعو إلى العفو عنه لأن العفو عنه بلا شك يكون إصلاحاً وهنا أنبه على مسألة تقع كثيراً في حوادث السيارات يحصل من الرجل حادث بسبب تهوره وعدم تقيده بما يجب أن يتقيد به وهو معروف بالتهور وعدم المبالاة فإذا حصل منه الحادث نجد بعض الناس يفزع إلى صاحب الحق يطلب منه العفو عن هذا الجاني وربما يكون من المجني عليه عاطفة تستوجب أن يسمح عن هذا الجاني ففي هذه الحال هل من الحكمة أن يطلب منه العفو؟ لا لأنه ما دام معروفاً بالتهور وعدم المبالاة فإنه لا ينبغي أن نشفع له بل نأخذ منه بالحق وافياً حتى لا يعود لمثل هذا لأنه معروف بأنه رجل لو عفونا عنه وسمحنا عنه في هذه المرة فإنه سوف يرجع ويفعل مثل ما فعل أولاً