سائل يقول : جئت معتمرا عن أمي وأحرمت من الميقات وبعد إنهاء العمرة أقمت يومين والآن أريد أن آت بعمرة لي أو لأبي فهل علي أن أرجع إلى الميقات الذي أحرمت منه أو أذهب إلى أي ميقات آخر كميقات أهل الطائف مثلا أو يكفي أن أذهب إلى الحل أو مسجد العمرة ثم أحرم منه علما أني كنت عاقد النية بعمل عدة عمر من المنزل أي من قبل وصول الميقات وعمل العمرة الأولى نرجو الإفادة؟ حفظ
القارئ : وهذا سائل يقول جئت معتمراً لأمي وأحرمت من الميقات وبعد إنهاء العمرة أقمت يومين والآن أريد أن آتي بعمرة لي أو لأبي فهل علي أن أرجع إلى الميقات الذي أحرمت منه أو أن أذهب إلى أي ميقات آخر كميقات أهل الطائف مثلاً أو يكفي أن أذهب إلى الحل أو مسجد العمرة ثم أحرم منه علماً أني كنت عاقداً النية بعمل عدة عمرات من المنزل أي من قبل وصول الميقات وعمل العمرة الأولى نرجو الإفادة ونفع الله بكم؟
الشيخ : أولاً يجب أن نعلم أنه ليس من هدي السلف الصالح أن يعتمر أحد عن أحد ولم يرد ذلك إلا في الفريضة فقط، ففي الفريضة جاءت امرأة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت: ( إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم ) وهذا فريضة والأب عاجز والمرأة الأخرى قالت: ( إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: نعم ) فهذا أيضاً فريضة حج وجب بالنذر ولم تتمكن الناذرة من الحج فأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن تحج عن أمّها وفي حديث ابن عباس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول لبيك عن شبرمة قال: من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي، قال: أحججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) فهذا قد يستدل به بعض الناس على جواز الحج عن الغير إذا كان تطوّعاً ولكن هذا بعيد والظاهر أنه يريد أن يحج عن أخيه حجّة الفريضة ولكن بيّن له الرسول عليه الصلاة والسلام أنه لا يحج عنه حتى يحج عن نفسه، أمّا ما يفعله الناس اليوم فإنّه خلاف عمل السلف، يأتي الرّجل بعمرة في رمضان يأتي العمرة الأولى لنفسه وفي اليوم الثاني لأمه وفي الثالث لأبيه وفي الرابع لأخيه وفي الخامس لعمه وفي السادس لعمّته وفي السابع لخالته ثم لجدّته ثم لأم زوجته وهكذا!! من قال هذا؟! أين هذا في شريعة الله؟ أين هذا في سنّة الرسول عليه الصلاة والسلام؟ أين هذا في عمل الصحابة؟ ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " إنه يُكره الإكثار من العمرة والموالاة بينها باتفاق السلف " هكذا قاله في الفتاوي ومن شاء فليرجع إليه وإنه يؤسفنا أن نجد الناس يترددون إلى التنعيم ليحرم كل واحد عن أمه وأبيه وأخيه وعمّه وهكذا يجب علينا أيها الإخوة أن لا نحكّم العاطفة أن ننظر عمل السلف نمشي عليه هل كان أحد منهم يأتي بعمرة ثم إذا خلص منها خرج للتنعيم ليأتي بها لأبيه أو أمه أروني ذلك لكم من اليوم إلى آخر الشهر، أروني هذا فإذا لم يكن كذلك في عهد السلف فهل يسعنا ما وسعهم أو نأتي بشرع جديد؟ الجواب الأول يسعنا ما وسعهم حتى إن عطاء وهو من علماء مكّة قال: " لا أدري هؤلاء الذين يخرجون إلى التنعيم ويأتون بالعمرة لا أدري أيؤجرون أم يؤزرون " ومعنى يؤزرون يعني يأثمون بذلك لأن هذا ليس معروفاً في عهد الرسول ولا عهد الصحابة هذا رسول الله عليه الصلاة والسلام كلنا يعلم أنه أحرص الناس على العبادة فتح مكة وبقي فيها تسعة عشر يوماً وبإمكانه أن يخرج إلى التنعيم ويأتي بعمرة ولكن لم يفعل لم يشرع ذلك لأمته، ولكنه حينما غزى الطائف وانتهت القضية الغزوة ونزل الجعرانة أحرم بعمرة من الجعرانة ليلاً لم يطّلع عليه إلا القليل من الناس وأتى بعمرة، لم يخرج من مكة ليأتي بعمرة أبداً بل إن الرسول عليه الصلاة والسلام لما طلبت عائشة منه أن تأتي بعمرة قال لأخيها عبد الرحمن: ( اخرج بأختك إلى التنعيم فلتحرم ) ولم يرشده إلى أن يحرم معها ولا أحرم هو معها لأن ذلك لم يكن معروفاً عندهم فالذي أطلب من إخواني إذا كانوا يحبون أن ينفعوا موتاهم أن يتّجهوا بما وجّه إليه الرسول عليه الصلاة والسلام حيث قال: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) ما قال يأتي بعمرة له أو يقرأ القرآن له أو يصلي له مع أنّ السياق في الحديث سياق أيش؟ سياق عمل فكان المفروض أن يقول أو ولد صالح يعمل له لكنه عليه الصلاة والسلام عدل عن العمل وقال ( أو ولد صالح يدعو له ) ولهذا نقول كونك تدعو لأبيك أو أمّك أو أخيك أو أختك في الصلاة، في السجود، أو بين الأذان والإقامة أو في حال الطواف أو في حال السّعي أفضل من أن تأتي لهم بعمرة وعلى هذا فنقول للأخ السائل عمرتك الأولى كافية وهي لك وأما أمك وأبوك فادع الله لهما وهو خير من العمرة.