تتمة االإجابة على السؤال السابق "سائلة تقول : امرأة لها طفل وجدته عند الباب لقيط لا تعرف له أهل فأخذته وربته حتى بلغ ستة عشر عاما وصار رجلا لا يعرف غير أبويه اللذين ربياه ولم يخبراه بالخبر فأتى آت وقال لها : لا يجوز لهذا الابن الجلوس عندكم ولا يجوز لها أن تكشف له أبدا فيقع الخبر على الأم التي ربته طيلة ستة عشر عاما كأكبر مصيبة تقع كيف تتحجب عنه وليس له عائل ولا منزل ولا أهل علما أنه في تلك الفترة التي وجدته ليس لها حليب أما الآن فهي ترضع ولكن العمر جاوز الرضاع وقد قيل لها أنه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم حصل مثل ذلك فأجازه لها فأفتونا مأجورين ؟. حفظ
الشيخ : نقول لا، يجب أن يتمشى الجميع على مقتضى الشريعة وهذا الولد ليس ولداً للمرأة ولا ولداً لزوجها وليس محرماً لها ولا يجوز أن يخلو بها ولا يجوز أن ينسب إلى زوجها بل لا بد أن نتمشى في ذلك على مقتضى الشريعة ونقول هذا الولد الآن إذا شاء أن يبقى عندهما بقي وكأنه أجنبي منهما وإن شاء أن يستقل بنفسه فليستقل ولكن يمكن أن نقول لهذه المرأة إذا كان عندك بنت فليتزوج بها وإذا تزوج بها صارت المرأة هذه صارت إيش؟
الطالب : محرم
الشيخ : صار محرماً لها لأنها تكون أم زوجته فهذا هو الحل الوحيد في مثل هذه المسألة التي هي مشكلة في الواقع نقول للأب يعني لزوج هذه المرأة نقول إذا كان لك بنت فزوجها بهذا الرجل حتى تكون زوجتك محرما له ويبقى عندكما في البيت هذا هو حل هذه المشكلة أما أن تبقى المسألة وكأنه ولد لهما يدخل على المرأة ويخرج ويخلو بها وربما في المستقبل يرثانه أو يرثهما فهذا تعدٍ لحدود الله عز وجل.
طيب بقينا في الذي لبس عليهما وقال إن هذا وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأجازه يعني أجاز رضاع الكبير وهو يشير إلى قصة سالم مولى أبي حذيفة سالم مولى، أبي حذيفة كان أبو حذيفة قد تبناه يعني جعله ابنا له وكانوا في الجاهلية إذا أعجبهم الإنسان تبنوه وقال أنت ابني فتبناه وبقي عندهما كأنه ابن لهما تماماً فلما أبطل الله التبني جاءت امرأة أبي حذيفة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشكت إليه الحال لأن سالماً الآن أصبح غير ابن لهما وأصبح أجنبيا فشكت إليه الحال فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ( أرضعيه تحرمي عليه ) وهو كبير قد بلغ وظاهر الحديث أنها إذا أرضعته ولو كان كبيرا فإنها تكون أماً له وقد اختلف العلماء رحمهم الله في تخريج هذا الحديث فمنهم من أخذ بظاهره وقال إن رضاع الكبير محرم كرضاع الصغير وعلى هذا القول يجوز أن ترضع المرأة شابا بلغ ويكون ابنا لها لكن كيف ترضعه؟ إن وضعت رأسه على فخذها وألقمته الثدي مشكل لأنه غير محرماً لها الآن فكيف ترضعه؟ نعم نقول هذا يكون بأحد أمرين إما أن نقول إن الحاجة تبيح له أن يرتضع منها قبل أن يكون ابناً له ولا بأس تضع رأسه على فخذها وتلقمه الثدي ويمصمص لين يروى ولا حرج وإما أن يكون كما ذكرتم تحلب المرأة لبنها في فنجان أو غيره وتسقيه إياه خمس مرات حتى يكون ابناً لها طيب وهذا الرأي أخذ به الظاهرية لأن أهل الظاهر كما تعرفون يأخذون بظاهر النصوص ولا يعتبرون المعاني ولذلك عندهم من ظاهريتهم أنه يجوز للإنسان أن يضحي بالجذع من الضأن ولا يضحي بالثني من الضأن تعرفون الجذع كم له؟ ستة أشهر تقريباً والثني له سنة يقول لو أتيت بخروف له سنة وضحيت به لا يجزي ولو أتيت بجذع من الضأن وضحيت به أجزأ ليش؟ قال لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ) هذه ظاهرية محضة ما لها معنى فيقال إذا أجزأ الجذع فالثني من باب أولى ولا شك وقالوا إن الرجل إذا استشار ابنته في أن تتزوج من شخص وهي بكر فسكتت فإنه يزوجها ولو استشارها أن يزوجها فقالت نعم يا أبت هذا رجل صاحب دين وخلق ولا يمكن أن يفرط به زوجني به فإنه لا يزوجها سبحان الله الأول ساكتة ما ندري ما وراء السكوت أيضاً يقول إذا سكتت يزوجها وإذا صرحت بالرضا وأثنت على الزوج وقالت يا أبت لا تفوت هذا الزوج وأنا أريد أن أتزوج به يقول لا يزوجها ليش؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن كيفية استئذان البكر فقال: ( إذنها أن تسكت ) وهذه ما سكتت فعلى كل حال الظاهرية رحمة الله عليهم لهم شطحات عجيبة نرجع إلى مسألة الرضاع يقولون إن رضاع الكبير محرِّم مطلقا ويقولون إن الرضعة الواحدة محرمة لعموم قوله تعالى: (( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم )) ولكن جمهور العلماء لا يوافقونهم على ذلك فبماذا يجيبون عن قصة سالم؟ قال بعضهم إن قصة سالم مختصة خاصة به ولله تعالى أن يختص بأحكامه من شاء ولكن هذا القول ضعيف، لأن الأصل تساوي الناس في الأحكام ولا يصار إلى التخصيص إلا إيش
الطالب : إلا بدليل
الشيخ : إلا بدليل، وقال بعض العلماء هذا منسوخ هذا الحكم منسوخ وهذا القول أيضاً ضعيف لماذا؟ لأن النسخ يحتاج إلى أمرين الأمر الأول تعذر الجمع بين ما قيل إنه ناسخ ومنسوخ والثاني العلم بالتاريخ، وأنى لنا في قصة سالم، وقال بعض العلماء إنه خاص بسالم حالاً لا عيناً انتبه يا، خاص بسالم حالا لا عيناً لأنه لا يمكن أن يخص الشارع أحدا بعينه بحكم من الأحكام دون سائر الناس لكنه يخصه حالاً دون حال وقضية سالم من هذا الباب فإذا وجد أحد قد تبناه أهل هذا البيت ثم احتاجوا إلى أن يرضعوه فلهم إرضاعه وبناء على هذا القول نقول إنه لا يمكن القياس على قصة سالم لماذا ؟ لأن التبني قد أبطله الإسلام فلا يمكن وهذا القول هو الراجح أن قضية سالم من باب التخصيص بماذا؟ بالحال دون العين فإذا وجدت حال مثل حال سالم مولى أبي حذيفة أخذنا بها ولكن الآن هل يمكن توجد؟ لا يمكن لأن التبني قد أبطله الإسلام فلا يتصور وجوده وحينئذ لا ترد هذه المسألة على القول بأن إرضاع الكبير لا يثبت به التحريم.