معنى قوله تعالى "وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ....". حفظ
الشيخ : (( وأما من بخل واستغنى )) بخل مقابل ايش؟
الطالب : أعطى.
الشيخ : أعطى طيب. واستغنى مقابل اتقى يعني استغنى بنفسه عن ربه ولم يخف ربه. وكذب بالحسنى مقابل.
.الطالب : صدق
الشيخ : صدق بالحسنى. فسنيسره للعسرى مقابل
الطالب : فسنيسره لليسرى.
الشيخ : فسنيسره لليسرى. تقابل.
وفي هذا دليل على أن ضلال من ضل إنما هو بنفسه هو السبب. هو السبب وإلا فإن الله تعالى لن يمنع فضله من طلب فضله. لكن من استغنى عن ربه هو الذي جنى على نفسه واذا أردت أن يتبين لك هذا ظاهرا فاقرأ قول الله تعالى : (( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم )). لم يزغ الله قلوبهم حتى زاغوا (( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به )) إذن فتش في نفسك يا أخي قبل أن تعتب على ربك.
هذه الآية (( فأما من أعطى واتقى )) إلى قوله : (( فسنيسره لليسرى )). هذه الآيات قرأها النبي صلى الله عليه وسلم في مناسبة. فما هي المناسبة؟ أليس فيكم محدثون؟ تفضل.
الطالب : ... فقال : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق ).
الشيخ : أحسنت. طيب. قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ) - أسأل الله أن يجعل مقاعدنا مقاعد أهل الجنة -. كل إنسان مكتوب مقعده من الجنة ومن النار ( قالوا : يارسول الله أفلا ندع العمل ونتكل ؟
قال : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق ) هذه الكلمة ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) كم من جملة؟ كم جملة يا نحاة العرب؟
الطالب : أربعة.
الشيخ : كم جملة؟
الطالب : جملتين.
الشيخ : الظاهر كلها خلاص كل إلي قلتوا خلاص ماهو عندكم علم. بعضهم قال جملة واحدة بعضكم قال ثلاث جمل بعضكم قال جملتين ايش تقول؟
الطالب : ... .
الشيخ : اعملوا هذه ايش؟ كم جملة؟
الطالب : واحدة.
الشيخ : فكل ميسر لما خلق له. كم هذه؟ الأخيرة كم هي؟
الطالب : جملة واحدة
طالب آخر : جملتين.
الشيخ : لا يا أخي جملة واحدة.
(كل) مبتدأ و (ميسر) خبر المبتدأ و ( لما خلق له) معمول لميسر يعني جار ومجرور متعلق بميسر وخلق له جملة لكنها صلة موصول وجملة صلة الموصول بمنزلة المفرد. أفهمتم يا جماعة؟ أقول : هاتان جملتان أغنتا عن مجلدات كبيرة يعني بدل ما الإنسان يتكلم بفلسفة وكلام طويل عريض هاتان الجملتان يغنيان عن كل شيء. ( اعملوا فكل ميسر لما خلق ) اعمل يا أخي اعمل ايش؟ الآن يعني ويش المعنى ؟ خير ولا شر؟ خير. اعمل ييسر لك. لأن نقول لكل إنسان احتج بالقدر وقال ما دام الأمر مكتوب ليش اعمل؟ نقول يا أخي اعمل وإذا رأيت أن الله قد يسر لك الخير فهذا بشرى سارة أنك ممن يسرت له إيش؟ اليسرى. ونقول له بكل بساطة هل أنت تترك الزواج وتقول لا حاجة أن أتزوج إن كان الله قد كتب لي أولاد جاؤوا؟ أجيبوا يا جماعة؟ هل يقول أحد هذا عاقل؟ الأولاد مربوطة بالزواج، الجنة مربوطة بالعمل. فإذا كان كل إنسان لو قال أنا لن أتزوج إذا كان قد كتب لي أولاد سيأتون.
هل أحد يقبل منه هذا الكلام؟ أجيبوا يا جماعة؟ لا يقبل أبدا. بل إن الناس يسعون جادين في الحصول على الباءة ليتزوجوا.
نقول أيضا الجنة مكتوبة لك بعمل. اعمل لها حتى تدركها ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما اهل السعادة - هكذا في الحديث - فييسرون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ثم تلا هذه الآية : (( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى)). وبهذا يتبين أنه لا يقبل من العاصي أن يحتج بايش؟ بالقدر. أبدا لا يقبل لأنه هو بنفسه يحكم على نفسه أنه إذا احتج بالقدر فهو ضال.
لو قال قائل : أنا لن أبيع ولن أشتري إن كان الله يريد أن آتي بالدراهم يقبل منه؟
لا يا إخوان. لا تقل لا، ولا نعم. إن قلتم لا قلنا خطأ وإن قلتم نعم قلنا خطأ. مسألة الرزق ليست محصورة في البيع والشراء لأنه قد يأتيني مال هبة ولا لا؟
قد يأتيني المال بالإرث. لكن ما سلك الزواج يعني أنه يبغى أولاد يجوه من غير أن يتزوج هل يمكن هذا ولا ما يمكن؟ ما يمكن هذا نقول له إذا عارضتنا من في مسألة الرزق نأتي لك بشيء لا يمكن أن تعارضه وهو أجيبوا الزواج. طيب. العاصي لا يمكن أن يقبل منه حجة على معصية الله إطلاقا ولهذا أبطل الله هذه الحجة بقوله : (( الذين أشركوا ما شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء )) أتمها. إي اتفضل.
الطالب : (( ولا حرمنا من شيء )).
الشيخ : (( سيقول الذين أشركوا ))
الطالب : (( الذين أشركوا ما شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا )).
الشيخ : نعم
الطالب : (( ولا حرمنا من شيء )).
الشيخ : لا. (( ولا حرمنا من شيء ))
الطالب : (( ولا حرمنا من شيء )).
الشيخ : (( كذلك كذب ))
الطالب : (( كذب الذين من قبلهم ))
الشيخ : نعم (( حتى ))
الطالب : (( حتى ))
الشيخ : (( كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا ))
الطالب : (( حتى ذاقوا بأسنا ))
الشيخ : (( بأسنا )). بارك الله فيك. كذب الذين من قبلهم الرسل قالوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا وما حرمنا من شيء قال الله تعالى : (( كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا )). ولو كانت حجتهم مقبولة هل يذيقهم الله بأسه؟ أجيبوا يا إخوان؟ لا لأن الله تعالى لا يظلم أحدا. ولهذا قال (( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )). إذن لا حجة للعاصي بقدر الله عز وجل على معصية الله. ثم نقول للعاصي هل تعلم أن الله قدر عليك المعصية؟ سيقول ؟ أجيبوا ؟
إن قلتم لا أخطأتم وإن قلتم نعم أخطأتم. هو قبل أن يفعلها لا يدري وبعد فعلها يدري ولا ما يدري؟. يدري.
بعد أن يفعل المعصية يدري أن الله قد كتب عليك ولا شك وقبل أن يفعلها لا يدري إذن أنت الآن أقدمت على الفعل وأنت حين إقدامك تعلم ولا ما تعلم؟ لا تعلم. فلماذا لم تقدر الحسنى في حقك وأن الله كتب أنك من المتقين فتتق الله. والمسألة واضحة أنه لا حجة للعاصي لا شرعا ولا حسا ولا عقلا على معصيته لأنه كان أجدر بأن يقدر أن الله كتب له الهداية وأن يفرح كلما عمل طاعة فرح ونشط وقال هذا من علامة التوفيق. وهكذا ينبغي لكل إنسان منّ الله عليه بفعل الطاعة أن ينشط على فعل الطاعة في المستقبل وأن يقول هذه بشرى من الله عز وجل أنه يسرني لليسرى.