معنى قوله تعالى " علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ....." حفظ
الشيخ : ولهذا قال بعده (( علمه شديد القوى )) وهو جبريل أي أن جبريل علم الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن لأنه ينزل بالقرآن من عند الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : (( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين )) والروح الأمين هو جبريل.
وإنما قال على قلبك دون أن يقول عليك مع أنه قال في آيات أخرى لبيان أن النبي صلى الله عليه وسلم وعى ما ينزل به جبريل وعيا كاملا لأن القلب هو محل الوعي والعقل.
(( ذو مرة فاستوى )) ذو مرة هذه عطف بيان لقوله : (( شديد القوى )) والمرة الهيئة الحسنة ولهذا كان جبريل عليه الصلاة والسلام على هيئة حسنة رآه النبي صلى الله عليه وسلم مرة على صورته التي خلق عليها أتدرون كيف رآه ؟ رآه وله ستمائة جناح قد سد الأفق ملأ الأفق كله وهذا يدل على عظمة جبريل عليه الصلاة والسلام ولهذا قال ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى (( ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى )) استوى معناها كمل معناها كمل .
(( ذو مرة )) أي ذو هيئة حسنة فاستوى أي كمل بهذه الهيئة الحسنة.
وإنما قلت استوى هنا بمعنى كمل لأن استوى لها في اللغة أربعة استعمالات : - انتبه يا ولد - استوى لها في اللغة أربعة استعمالات :
الاستعمال الأول : أن تأتي مطلقة.
والثانية أن تتعدى بإلى.
والثالثة : أن تتعدى بعلى.
والرابعة : أن تقترن بالواو - يا عبد الله ما تروح - أي طيب الرابعة أن تقترن بالواو. كم ؟ أربعة يسردها لنا أخونا.
الطالب : أن تقترن بالواو.
الشيخ : ما عرفت إلا آخر واحدة تفضل .
الطالب : ... .
الشيخ : نعم
الطالب : ... .
الشيخ : نعم
الطالب : ... .
الشيخ : نعم
الطالب : ... .
الشيخ نعم
الطالب : ... .
الشيخ نعم؟
الطالب : ... .
الشيخ الرابعة ايش هي تفضل ؟
الطالب : مقترنة بالواو.
الشيخ : تمام استرح.
الأول : أن تاتي مطلقة وحينئذ تكون بمعنى كمل. ومنه قوله تعالى : (( ولما بلغ أشده واستوى )) أي - الأخ لا يجيك النوم . -
الطالب : ... .
الشيخ : طيب استرح.
ومنه قول : صاحب المطبخ إن الطعام قد استوى ايش معناه كمل نضجه طيب.
الثاني : أن تتعدى بعلى فإذا تعدت بعلى فهي بمعنى العلو ومنه قوله تعالى : (( فوَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ )) لتستووا على ظهوره أي تركبوا عليها ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويم عليه إذا ركبتم عليه واستقررتم عليه.
الثالث : أن تتعدى بإلى تقول استوى إلى كذا أي قصد ومنه قوله تعالى : (( ثم استوى إلى السماء وهي دخان )) أي قصد إليها ليخلقها على وجه التمام. وهذا أحد القولين في تفسير هذه الآية والقول الثاني أن إلى هنا بمعنى على فتكون من القسم ايش؟ الثاني.
طيب.
الرابع : أن تأتي مقرونة بالواو وحينئذ تكون بمعنى ساوى كقولهم استوى الماء والخشبةَ الماء يرتفع في البئر حتى يصل إلى الخشبة استوى الماء والخشبةَ أي ساوى الخشبة كل هذه في اللغة العربية والذي يعين المعنى المراد هو السياق لأن السياق له دخل كبير في تعيين المعنى رب كلمة واحدة في سياق ما تكون لها معنى وفي سياق آخر لها معنى.
كقوله تعالى :(( واسأل القرية التي كنا فيها )). المراد بالقرية من ؟ الساكنون ساكنوا القرية وقوله تعالى : (( إنا مهلكوا أهل هذه القرية )). المراد بها أهل هذه القرية المراد بها المباني المجتمعة يعني البلد والذي عين أن تكون القرية في الآية الاولى أن هي أهل القرية أو في الآية الثانية هي البناء المجتمع الذي عين ذلك هو السياق.
فانتبه يا اخي للسياق حيث إن السياق هو الذي يعين المعنى المراد ومن ثم ولا أحب أن أدخل معكم في لجة البحر لكن لا باس أن نغترف غرفة، من ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " إنه لا مجاز في القرآن الكريم ". بل قال إنه : " لا مجاز في اللغة العربية ".وذلك لأن المعنى المجازي كما يدعيه أهل المجاز هو حقيقي في سياقه ولا يمكن أن يراد به غيره وعلى هذا فما يظهر من الكلام من المعنى بحسب السياق يكون حقيقة فيه ولهذا لو أنك قلت رأيت أسدا يحمل حقيبته يذهب إلى المدرسة أو رأيت أسدا يحمل السلاح ويذهب إلى ساحة الوغى وقلت قصدت بالأسد الحيوان المفترس ذا الأرجل الأربع لو قلت المراد هذا ماذا يقول الناس لك تقول محال محال أن يراد هذا فالمراد بالأسد هو الرجل ايش؟ الشجاع عين المعنى السياق فإذا تعين المعنى بالسياق فلا عليك من اللفظ. هو حقيقة في مدلوله وهذا هو المراد ومن هنا نعرف أن ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم من أنه لا مجاز في اللغة العربية ولا سيما في القرآن الكريم هو القول الراجح. ولعلك تقول كيف نصنع بقوله تعالى : (( فوجد فيها جدارا يريد أن ينقض )). وهل للجدار إرادة ؟ أجيبوا.
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم
الطالب : لا
الشيخ : لا ؟! رب العالمين يقول يريد أن ينقض وأنت تقول ما له إرادة استغفر الله يا أخي. ما يصلح تقول لا، أن تقول ليس له إرادة. قل له إرادة والمراد كذا.
كما قلنا لكم في أول الجلسات قلنا فرق بين من ينكر الشيء تأويلا ومن ينكره تكذيبا . وأن الإنسان لو قال إن الله لم استوى على العرش كفر لكن إن قال استوى بمعنى استولى صار مؤولا، انتبه استغفر الله الي قال إنه ليس له إرادة يستغفر له.
نقول له إرادة لكن ما المراد بالإرادة وكذا صح ولا لا ؟
حتى لا ننفي ما أثبت الله ولكن نقول بل الجدار له إرادة حقيقية الجدار له إرادة حقيقية قال الله تعالى : (( يسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده )) وهل يوجد تسبيح بلا إرادة ولو وجد تسبيح بلا إرادة لم يكن هذا محلا للثناء أنتم معي ولا رحتم ؟ طيب .
إذن الجدار له إرادة وأزيدك على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أقبل على المدينة قال : ( هذا أحد جبل يحبنا ونحبه ) والمحبة أخص من الإرادة والجبل جماد ولا ما هو جماد ؟ وأثبت له النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق أثبت أن له ايش ؟ محبة فمن الذي يقول إن الجدار ليس له إرادة ؟
(( وإن من شيء إلا يسبح بحمده )). كل شيء يسبح بحمد الله البهائم لها إرادة ؟ البهائم كيف عرفتم ذلك ؟
الطالب : ... .
الشيخ : نعم، من الأدلة والواقع (( وإن من شيء إلا يسبح بحمده )) ثم الواقع يشهد بهذا تأتي البهيمة أول ما تقصد من ؟ ولدها، تأتي البهيمة إلى أناس مجتمعين من تقصد ؟ صاحبها الذي يربيها وهذا شيء معروف على كل حال نقول إن استوى في اللغة العربية لها أربعة إطلاقات أو أربع استعمالات وعرفتموها وعرفتم الأمثلة على ذلك فلنرجع إلى الآية (( ذو مرة فاستوى )) أي ايش؟ كمل لأنها جاءت مطلقة. (( وهو بالأفق الأعلى )) وهو أي هذا الموصوف بهذه الصفات بالأفق الأعلى يعني أفق السماء وذلك حين رآه النبي صلى الله عليه وسلم على خلقته التي هو عليها ولم يره على خلقته التي هو عليها إلا مرتين هذه مرة.