ثالثا : بيان الأمور التي يجتنبها الصائم حال صيامه مع ذكر الحكمة من الصيام . حفظ
الشيخ : بقي عن أي شيء يصوم؟ يعني عن أي شيء يمسك؟
نقول هذا نوعان ، النوع الأول: الإمساك عن محارم الله، أي: عن المحرمات، وهي إما ترك واجب، وإما فعل محرم.
وهذا النوع هو المهم وهو المقصود بالصوم، يعني أن يكون الإنسان متقيا لله في صومه، قائما بالواجبات تاركا للمحرمات.
الدليل : قول الله تبارك وتعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ))، ولم يقل لعلكم تجوعون، أو لعلكم تعطشون، بل قال: لعلكم تتقون، إذن الحكمة من الصوم هي تقوى الله عز وجل.
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ).
إن الله تعالى لا يريد أن يعذبنا بترك الطعام والشراب والنكاح، وإنما أراد منا أن ندع قول الزور والعمل به والجهل.
وعلى هذا فإذا صام الإنسان ولم يصل الظهر مع الجماعة وهو من أهل الجماعة، فهذا صام ولم يصم، صام ايش؟ عن الأكل والشرب، ولم يصم عن المراد من الصوم وهو تقوى الله عز وجل. وما أحسن قول الشاعر :
" إذا لم يكن في السمع مني تصاون ** وفي بصري غض وفي منطقي صمتُ .
فحظي إذن من صومي الجوع والظما ** فإن قلت إني صمت يوما فما صمتُ "
.
هذا كلام مطابق للقرآن والسنة.
إذا لم يكن في السمع مني تصاون، بمعنى أن لا أستمع إلى المحرم، وفي بصري غض فلا أنظر إلى المحرم، وفي منطقي صمت أي عن المحرم، فحظي إذن من صوميَ الجوع والظمأ، فإن قلت أني صمت يوما فما صمت، حقيقة ما صام الإنسان.
الإنسان الذي يصوم وكل نهاره يستمع إلى المعازف والألحان الهابطة أو يطالع في الدشوش التي دمرت العقيدة والأفكار والأخلاق، هل يقال إن هذا صائم؟ أجيبوا يا جماعة؟ هو صائم عما أحل الله لكنه غير صائم عما حرم الله، أين الصيام، أين الصيام من هذا؟ الصيام الحقيقي الذي ينفع القلب والذي يزيد في الإيمان هو الصوم عن محارم الله.
طيب، أما الصوم الثاني : فهو الصيام الحسي.