تفسير قوله تعالى :" إنا نحن نحيي الموتى ...". حفظ
الشيخ : أما ما نريد أن نتكلم عليه مما سمعنا في قراءة أئمتنا فإننا سمعنا إلى قوله تعالى : (( إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين )).
إنا: الضمير يعود على الله بصيغة الجمع المفيد للتعظيم، لأن الله تعالى واحد لا شريك له، لكنه يسند الشيء إلى نفسه بصيغة التعدد، إشارة إلى ايه؟ إلى التعظيم.
(( نحن نحيي الموتى )) يعني: بعد الموت نحييهم، لأن الذي قدر على إنشاء الخلق أول مرة قادر على إعادته، واستمع الى قول الله تعالى : (( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ))، يعني: إعادته أهون عليه من ابتدائه، وهذا أمر معلوم بالحس والعقل، فالقادر على أن ينشئ الخلق أول مرة قادر ايش؟ على إعادتها.
ولهذا لما قال الخصم المبين : (( من يحيي العظام وهي رميم )). ماذا قال له ؟ (( قل يحييها الذي أنشاها أول مرة )).
واستمع أيضا إلى قول الله تبارك وتعالى : (( ألم يك نطفة )) يعني: الإنسان (( من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى )). الجواب : بلى والله.
وقال الله تبارك وتعالى : (( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون )).
فأنت يجب أن تعلم أنك ستموت، وهذا أمر ضروري، لو أن أحدا قال إنه لن يموت لعد من المجانين.
كل إنسان يعلم أنه سيموت، وأنت الآن تصلي على الموتى وغدا سيصلون عليك، هذا أمر واقع، فاستعد لهذا اليوم الذي تنتقل فيه من دار العمل إلى دار الجزاء، الذي تفارق فيه الأهل والأصحاب والأموال فتنفرد بايش؟ بعملك.
قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن الميت إذا مات اتبعه ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع ماله وأهله ويبقى عمله )، ولذلك يسلمه للقبر أقرب الناس إليه وأشفقهم عليه، سبحان الله! أقرب الناس إليك وأشفقهم بك هو الذي يسلمك إلى القبر، ثم ينصرفون وتبقى في عملك.
واعلم أنه إذا دفن الميت وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان يسألانه عن ثلاثة أصول، يقولان: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟
يسأل عن ثلاثة أصول، من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، فينادي منادي من السماء أن صدق عبدي، ثم يفسح له في قبره، ويفتح له باب إلى الجنة، ويأتيه من روحها ونعيمها ) ويكون وجوده في القبر أسر عليه من بقائه في الدنيا، لأنه ينتقل إلى دار أحسن بكثير مما انتقل عنه، من دار الدنيا التي كلها نكد وتنغيص، وإذا سر الانسان فيها يوما من الأيام ساءه أيام.
كما قال الشاعر :
من سره زمن ساءته أزمان.
وقال الشاعر قبله، الشاعر الجاهلي :
" فيوم علينا ويوم لنا ** ويوم نساء ويوم نسر "
ثم ما بعد هذا القبر؟ بعده البعث العظيم الذي جاءت من وصفه في الكتاب والسنة ما تنخلع له القلوب، وإذا شئت الاطلاع على ذلك فاقرأ باب السمعيات في كتاب العقائد تجد الشيء الكثير، نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.