بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في علو الله تعالى ، مع توجيه النصيحة لمن يعتقد خلاف ذلك . حفظ
الشيخ : وإني أنصح نصيحة أطلقها في هذه الليلة ليلة ثلاث وعشرين من رمضان والتي هي أول السبع الأواخر إذا كان الشهر ناقصا، ومن المسجد الحرام، أطلق نصيحة لكل من يعتقد أن الله ليس عاليا بذاته، وليس مستو على عرشه حقيقة أن يرجع إلى الحق أن يرجع إلى الحق، وأن لا يلاقي ربه وهو يعتقد أن الله ليس في العلو أو ليس مستو على العرش.
أنصح كل مسلم كل من يتجه إلى هذه الكعبة أنصحهم عن هذا أي: عن أن يعتقد بأن الله ليس مستو على العرش أي عاليا عليه أو ليس عاليا بذاته أن يرجع إلى الحق وأن يكون على ما كان عليه إمامه الإمام الأعظم من الأئمة وهو رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكذلك خلفاؤه الراشدون فإنهم أحق من يقتدى به بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
استمع إلى النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقرر علو الله عز وجل علوا حقيقيا بذاته، استمع إليه وهو يقول في سجوده : ( سبحان ربي الأعلى )، ويقول في رقية المريض : ( ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمه )، واستمع اليه وهو يقول للجارية : ( أين الله؟ قالت: في السماء، أين الله؟ قالت: في السماء، قال النبي صلى الله عليه وسلم لسيدها أعتقها فإنها مؤمنة ).
فجعل إقرارها بأن الله في السماء علامة على ايه؟ على إيمانها، ومعلوم أنه إذا انتفى الدليل انتفى المدلول، فالأمر خطير. طيب.
إذا قال قائل : إن مراد المرأة الجارية في السماء بل إن مراد الرسول عليه الصلاة والسلام أين الله قالت في السماء. مراده بأين الله أي أين ملكه؟ نقول: أضف هذا إلى التحريف، هذا تحريف، هل يعجز النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول أين ملك الله أو لا؟ ثم هذا يناقض قول الله تعالى : (( ولله ملك السماوات والأرض )) ليس ملكه في السماء فقط، بل في السماء وفي الأرض.
ثم استمع إلى قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أكبر مجمع للأمة الإسلامية، وفي خير يوم طلعت عليه الشمس من أيام العام، وهو يوم عرفة، حين خطب الناس الخطبة البليغة المشهورة، وقال لهم : ( ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، فقال: اللهم اشهد يرفع يده إلى السماء وينكتها إلى الناس ) يردها إلى الناس، اللهم اشهد على من؟ على الناس أنهم أقروا بأنه بلغ. ثم أعادها وقال : ( ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد ). كم هذه من مرة؟ مرتين، ثم أعادها وقال : ( ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد ). الله أكبر، هل بعد هذا يمكن لأي إنسان أن يقول إن الله ليس في السماء؟ لا والله. الرسول عليه الصلاة والسلام بلغ البلاغ المبين، وفي هذا المجمع العظيم، يشير إلى السماء يشهد الله على أن أمته أقرت بالبلاغ، ونحن نشهد الله وملائكته وجميع خلقه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين، وأنه عليه الصلاة والسلام توفي وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لأمته منه علما، ولهذا قال الله تعالى : (( ونزلنا عليك الكتاب - ايش؟ - تبيانا لكل شيء )) ما في شيء إلا وفي القرآن بيانه، لكن يا إخواني البيان أنواع، قد يكون بصريح المقال، أو بظاهر المقال، أو بإشارة المقال، أو بفحوى المقال، أنواع الدلالة كثيرة.
يذكر أن بعض العلماء كان في مطعم في إحدى دول أوروبا، وكان في المطعم رجل من كبار النصارى، وهو يعرف هذا الرجل المسلم أنه عالم. فجاء إليه يريد أن يمتحنه، جاء النصراني إلى المسلم العالم يريد أن يمتحنه، وقال له : إن القرآن نزل تبيانا لكل شيء، تبيانا لكل شيء، كلامه صحيح؟ كلامه صحيح، الدليل؟ (( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء )).
فأين بيان هذه السلطة، الطعام يكون فيه سلطة وخبز وإدام، قال ما وجدنا في القرآن إذا أردت أن تصلح سلطة هات السكين وافرمها وجيب الخيار وايش؟ والطماطم وأشياء والبصل، لا، البصل ما يصلح، المهم على كل حال مخلوطة. أين هذا في القرآن؟ أين هذا في القرآن؟ أنا أسألكم الآن: هل في القرآن وصف كيف تصنع السلطة؟ لا أبدا.
لكن هذا النصراني الخبيث وجد رجلا عالما فاهما ذكيا، قال : هذا موجود في القرآن؟ هذا موجود في القرآن، كيف تصنع هذه السلطة.
قال: أين؟ قال للطباخ تعال، يقول العالم المسلم تعال، كيف تصنع هذه السلطة؟ وصفها له.
قال أصنع كذا وكذا وكذا، قال هكذا في القرآن، هكذا في القرآن، سبحان الله شلون هذا؟ قال إن الله يقول : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )). الله أكبر سبحان الله فهم، والله تعالى يعطي فهمه من يشاء، وأنا الآن أرشدني القرآن كيف أعرف مما تصنع هذه السلطة وكيف تصنع؟ أرشدني القرآن، بماذا؟ اسألوا أهل الذكر، أنا إذا أشكل علي مسألة فقهية من أسأل؟ الفقهاء، إذا أشكل علي مسألة نحوية؟ النحويين، إذا أشكل علي مسألة مطبخية؟ أسأل الطباخين، لأن الله يقول : (( اسألوا أهل الذكر )) وعلل الأمر بالسؤال (( إن كنتم لا تعلمون )) فعلى هذا كل شيء لا أعلمه قد أرشد القرآن الكريم كيف أتوصل إلى علمه.
فإذا كان القرآن تبيانا لكل شيء ووجدنا أنه يثبت في آيات كثيرة علو الله عز وجل نفسه فوق العباد واستواؤه على عرشه العظيم فإنه لا عذر لنا أبدا أن نخالف هذا، أفهمتم؟
إنني أكرر النصيحة للذين يعتقدون أن الله ليس في السماء سواء قالوا ليس في السماء ولا في الأرض ولا يمين ولا يسار، أو قالوا إن الله في كل مكان، أنصحهم أن يرجعوا عن هذا، إلى أي شيء؟ إلى الحق، والله ما دعوتهم لأجل أنني أقول كذا أبدا، أنا أقول إن قولي إذا خالف الحق يجب أن يوضع تحت النعال وتضرب به الحيطان، لكني أقول: إذا تبين الحق يجب على كل من يؤمن بمصادر الحق أن يقبل الحق، لأن القرآن حجة ملزمة، السنة حجة ملزمة.
وإني أقول لكل واحد يسمع مني أو عني أيضا قولا يخالف الحق لكن بالدليل .. قال هذا الدليل أن يبينه لي حتى تقوم علي الحجة بمخالفة الدليل إن كان هناك مخالفة.
على كل حال هذه نصيحة من قلب مخلص لجميع من يتوجهون إلى الكعبة بصلاتهم أن يرجعوا إلى الحق في هذه المسألة التي هي من كبريات وأمهات العقائد، ما هي هينة هذه. أترضى أن يكون إلهك ومعبودك في كل مكان؟ حتى في الحمامات والمراحيض والأسواق القذرة وغير ذلك؟ أترضى؟ يا ناس هذا يحتاج إلى أصوات تعلو السماء، لا يمكن أبدا أن ترضى أن يكون معبودك وإلهك في كل مكان إطلاقا، هل ترضى أن يقول لك قائل: إن الهك ومعبودك الذي قامت السماوات والأرض بأمره ليس في السماء ولا في الأرض ولا متصلا بالعالم ولا منفصلا عن العالم ولا يمين ولا يسار، لا والله ما نقبل ما نرضى، لأن هذا الوصف السلبي بل هذه الأوصاف السلبية يعني تعني العدم تعني العدم. فيكون من عبد الله على هذه العقيدة عبد عدما، ويكون من عبد الله على العقيدة الأولى عبد من لا ينزه عن القاذورات والأنتان. وكل هذه يا إخوان أمور خطيرة، أمور خطيرة جدا.
إنما نحن وأنتم إن شاء الله نعبد إله الأرض والسماء الذي هو فوق كل شيء والذي استوى على عرشه.
نسأل الله أن يثبتنا على هذه العقيدة وأن يميتنا عليها وأن نلقاه عليها، ونسأل الله ذلك لجميع إخواننا الذين يتجهون إلى هذا البيت العتيق.
وننتقل من هذا التعليق إلى الإجابة عن الأسئلة ونسأل الله الصواب. نعم.