تفسير قوله تعالى من سورة الحجرات :" يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثير من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أين يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ". حفظ
الشيخ : نعود الآن إلى الكلام على بعض ما سمعنا من الآيات، سمعنا سورة الحجرات، سمعنا سورة الحجرات كلها، وتكلمنا على أولها متى؟ في فجر اليوم؟ فجر أمس؟ لا حول ولا قوة إلا بالله تختلفون على اليوم؟ فجر هذا اليوم.
نعم فجر هذا اليوم الخميس.
نتكلم الآن على قول الله تبارك وتعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم )).
(( اجتنبوا كثيرا من الظن )) الظن ما يتوهمه الإنسان في الغير بدون علم لكن لقرائن أو علامات ظن ما ظن، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الظن، وقال : ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ).
وقوله : (( كثيرا من الظن )) يعلم منه أن إيش؟ أن بعض الظن لا يجب أن نجتنبه، وذلك الظن المبني على القرائن، الظن المبني على القرائن يجوز أن نعمل به، والقرائن إما قولية وإما فعلية.
قد يقول الإنسان قولا يحتمل أن يكون أراد سوء ويحتمل أن يكون أراد خيرا، فعلى أي الأمرين نحمله؟ على الخير، لكن إذا كنا نعلم عن هذا الرجل وعن سيرته أنه سيء فهنا يجوز هنا أن نظن بهذا القول أنه أراد الشر، وليس علينا إثم، ولهذا قال: (( إن بعض الظن إثم )) فما هو الإثم ؟ هو الذي لم يبن على قرائن.
(( ولا تجسسوا )) يعني لا أحد يجس على أخيه فيهتبل غفلاته ويلتمس زلاته، فإن ذلك محرم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيمن تتبع عورة أخيه : ( إن الله يتتبع عورته ويفضحه ولو في جوف بيته ).
وبهذا نعرف ضلال من يتبعون مساوئ الناس وعوراتهم، حتى إذا سمعوا عن شخص سوء قد يكون فيه معذورا طاروا به فرحا وصاروا يتكلمون به في المجالس، فبعض الناس والعياذ بالله إذا سمع من أخيه سوء قوليا أو فعليا فرح به وطار به في الآفاق، وإذا سمع خيرا كتمه، وهؤلاء هم القوم الذين يتبعون إيش؟ عورات المسلمين، فهؤلاء يفضحهم الله حتى لو كانوا في أجواف بيوتهم.
قال : (( ولا يغتب بعضكم بعضا )) والغيبة فسرها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنها : ( ذكرك أخاك بما يكره )، ذكرك أخاك بما يكره سواء كان ذلك في عيب خِلقي أو عيب خُلقي. فلو عيرته بأنه أعور، فهذا عيب خِلقي أو خُلقي؟ خِلقي.
لو عيرته بأنه أحمق فهذا خُلقي.