بيان أن اتخاذ الأسباب لا ينافي الإيمان بالقدر . حفظ
الشيخ : لكن إذا أصابنا ما نكره مع عدم فعل الأسباب فإننا نلام على ذلك، لأن الواجب أن يفعل الإنسان الأسباب التي تنفعه.
واستمع إلى هذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله - أي هذا قدر الله -وماشاء فعل ).
عرفت يا أخي؟ أمرنا أن نفعل ما ينفعنا وأن نحرص عليه فإذا لم يأت الأمر على ما نريد حينئذ ايش؟ نستسلم للقضاء.
مثال ذلك : الإنسان مأمور بالتكسب الحلال. أليس كذلك؟ قال الله عز وجل : (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله )). وقال تعالى : (( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه )). فإذا فعل الإنسان الأسباب ثم لم يربح خسر هل يلام؟ لا يلام، لأنه حرص على ما ينفعه لكن صار القضاء فوق إرادة الإنسان، صار قضاء الله وقدره فوق إرادة الإنسان.
فأنت يا أخي احرص على كل ما ينفعك في أمور دينك ودنياك، وإذا لم يأت الشيء على ما تريد فقل ايش؟ قدر الله وما شاء فعل، ولا تحزن ولا تأسف على ما فات، لأن ما قدر أن يكون فلا بد أن يكون، وتغيير الحال بعد وقوع الشيء من المحال.
يعني لو انكسر قلم الإنسان لا يمكن أن يقول لا ينكسر لا بد أن ينكسر مقدر.
لو أن الإنسان ركب سيارته يريد أن يذهب للمدرسة وحصل عليه حادث بغير اختياره لا بد أن يكون، فماذا يكون موقف الانسان في هذه الأمور التي ليست باختياره؟ ايش؟ التسليم للقضاء والقدر، وبذلك يطمئن الإنسان ولا يصيبه ندم ولا حزن، لا سيما إذا علم أن هذه المصائب تكفير للسيئات ورفعة للدرجات فإنه يهون عليه الأمر.
ولهذا قيل لبعض العابدات وأظنها رابعة العدوية وقد أصيبت بأصبعها فقالت : " إن حلاوة أجرها أنستني مرارة صبرها ".
كلام عجيب، إن حلاوة أجرها ويش حلاوة الأجر؟ أن الإنسان يثاب على كل هم على كل شيء يصيبه ( ما من هم ولا غم ولا أذى ولا كرب يصيب المرء إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها ) والأخ يبين لي ويش الشوكة؟ أنت، الشوكة ما هي؟ الشوكة؟
الطالب : ... .
الشيخ : طيب هذا.
الطالب : ... .
الشيخ : ايه؟
الطالب : ... .
الشيخ : ايه، يعني تطلع على عود ويجرح الرِّجل. طيب، زين، إذن بين شوكتين فرق. أليس كذلك؟
طيب على كل حال الشوكة إذا أصابت الإنسان فإنه إذا صبر واحتسب نال بذلك أجرا، فيقول الإنسان الحمد لله، إذا حصل بي الأذى في دنياي حصل لي بذلك الأجر والثواب في أخراي.
ولهذا قال علقمة وهو من كبار أتباع عبد الله بن مسعود وتلاميذه، قال في قول تبارك وتعالى : (( ومن يؤمن بالله يهد قلبه )). قال : ( هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم ).
الله أكبر، ( هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم ) فيهديه الله عز وجل يهدي قلبه بالطمأنينة والانشراح وعدم التحسر. طيب.
نرجع إلى الآية أن كل شيء خلقناه بقدر.