تنبيه على مسألة الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم . حفظ
الشيخ : أريد أن أنبه على شيء سمعته كثيرا ، من بعض الإخوة القادمين إلى العمرة ، ألا وهو : الإقسام بالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ ، فيقول لك : والنبي كذا وكذا ، والنبي أجب على سؤالي ، وما أشبه ذلك وهذا إنما اتخذوه عادة جرى على ألسنتهم ، ولكنه محرم يعني يحرم على الإنسان أن يقسم ، بغير الله تبارك وتعالى لا بالنبي ولا جبريل ولا بالولي ولا غير ذلك ، لقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ :
( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أو أَشْرَكَ ) وغالب الذين يحلفون بالنبي لا يدرون أنه حرام ، لأنهم لو علموا أنه حرام ما فعلوه ،
فالمؤمن لا يمكن أن يخالف أمر الله ورسوله ، لقوله تبارك وتعالى : (( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )) فنصيحتي لإخواني هؤلاء أن يتفطنوا لهذا الأمر ، وألا يحلفوا إلا بالله تعالى كما قال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
( مَنْ كَانَ حَالِفاً، فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ ، أَوْ لِيَصْمُتْ )
فإن قال قائل : أليس النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أعظم البشر ؟ فالجواب : بلى ، هو أعظم البشر ، وأفضلهم عند الله تبارك وتعالى ، وهو الذي قال : ( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أو أَشْرَكَ ) وهو الذي قال لمن سمعه يقول : (مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ ، قَالَ له : أجَعَلْتَني لِلَّهِ نِدًّا ، بل مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ ) فالله تعالى مختص بالإقسام به ، والله تبارك وتعالى مختص بالمشيئة مطلقا ، فالأمر أمره والمشيئة مشيئته ، والقسم به تبارك وتعالى لا بغيره من المخلوقات
أرجو الانتباه لهذا الشيء ومن سمع منكم أحدا يقول : والنبي فليبين له أن هذا لا يجوز .
فإن قال قائل : أليس النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ قال للأعرابي : ( أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ ) ؟ .
فالجواب : لا ، لأن وأبيه لفظ شاذ ولهذا جاء في " مسلم " ولم يأت في " البخاري " فيكون لفظا شاذا ، أكثر الروايات على حذفه ، ولا يمكن أن يحتج به ، لا يمكن أن يحتج به ، لأن من شرط صحة الحديث ، أن يكون إيش؟ غير معلل ولا شاذ ، فإن كان معللا فهو وإن كان بسند قويم لا يقبل ، وإن كان شاذا فهو وإن كان بسند قويم لا يقبل ،
وعلى هذا فنقول إن قوله ( وأبيه ) لفظة شاذة ، وحينئذ لا نحتاج إلى تكلف ، في أن هذا قبل النهي ، أو أن هذا مما جرى على الألسن ، أو أن هذا من الرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهو بعيد من الشرك كما أجيب به ، ولكن نقول لدينا شيء واحد ، يغنينا عن كل هذه التقديرات ، ما هو الشيء ؟ أن نقول إن الحديث شاذ ، إن هذه اللفظة شاذة ، وحينئذ يكفينا الله إياها
ولذلك ينبغي للإنسان ، إذا احتج عليه محتج بحديث أن يطالبه أولا بإيش ؟ بصحة الحديث ، فإذا لم يثبت صحته كفى الله المؤمنين القتال وبطلت حجتهم ، لأن من شرط صحة الحجة ، أن يكون الحديث الذي احتج به صحيحا ، وإذا كان صحيحا نظرنا في المرجحات المعروفة عند العلماء .