بيان أنه ينبغي امتثال أمر الله وأمر رسوله دون السؤال عنه هل هو للوجوب أم للإستحباب. حفظ
الشيخ : ولهذا يسوؤني كثيرا ، يسوؤني كثيرا ، أن يقول القائل إذا قلت له قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افعل كذا ، أن يقول القائل : هل هذا للوجوب أو للاستحباب ؟
لأن هذه الطريقة مخالفة لطريقة الصحابة ، ايتوني بحديث واحد أمر فيه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيء ثم قالوا يا رسول الله أهو للاستحباب أو للوجوب ؟ لن تجدوا ذلك .
وأما قصة الحباب بن المنذر في بدر ، لما نزل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أدنى الآبار ، جاءه وقال يا رسول الله أهذا منزل أنزلكه الله ؟ وإلا فإن الحرب والمكيدة أن ننزل في آخر الآبار .
هذا الحديث ضعيف ، وإن كان أهل السير يقولونه ولكنه ضعيف فلا يحتج به ، ثم لو فرض أنه يحتج به ، لكان هذا ليس في أمور مشروعة ، بل في أمور مدارها على الرأي .
ولهذا لما قدم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وكان قد قدم من مكة ، ومكة ليست بلد زراعة ، مكة ما هي بلد زراعة ؟ مكة ليست بلد زراعة ويش دليلكم ؟ (( رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ )) .
قدم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة ، فوجد الناس يلقحون النخل ، يلقحون النخل ، يعني : يؤبرونه ، التلقيح قل يا أخ ، إيش التلقيح قم ؟
الطالب : ... .
الشيخ : ما تعرف التأبير ، استرح الظاهر أنك لست فلاحا ، يلا .
الطالب : ... .
الشيخ : تمام ـ استرح ـ التلقيح أو التأبير أن يؤخذ من طلع الفحول ، ويوضع في طلع النخل ، حتى يكون الثمر جيدا ، وتعلمون أن التلقيح يحتاج إلى أن نصعد إلى الفحول لنأخذ طلعها ، وأن نصعد إلى إيه ؟ إلى النخل لنجعل فيها هذا الطلع ، ففيه التعب فقال الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : ( لَوْ أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوا هذا ) .
لأنه رأى أن فيه تعبا وهو عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لا يعرف أن لهذا تأثيرا ، الصحابة رضي الله عنهم على أن هذه مسألة دنيوية ، ومسألة حرفة ، لما قال الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هذا ، تركوا التلقيح ، تركوا التلقيح ، فماذا كان الثمر ؟ فسد الثمر ، ثم قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ : ( أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْورِ دُنْيَاكُمْ ) ، ( أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْورِ دُنْيَاكُمْ ) .
والشاهد من هذا أن الحديث الذي أشرنا إليه ، الذي ينقله المؤرخون حديث ضعيف ، وعلى تقدير صحنته ، فإن هذا ليس من باب الأحكام الشرعية ، ولكنه من باب إيش ؟ الرأي ، طيب .
أقـــــــــول : إنني يؤسفني والله أن أقول لإنسان : قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،كذا من أوامر الرسول ، ثم يقول هل الأمر للوجوب أو للاستحباب ؟ وما هو الذي ينبغي له ؟
الطالب : سمعنا وأطعنا .
الشيخ : أن يفعل ، ويقول سمعنا وأطعنا ، فإن كان الأمر للوجوب فقد برئت الذمة وسلم من الإثم ، وإن كان للاستحباب فقد ازددنا ثوابا وأجرا .
نعم إذا وقع الإنسان في المخالفة فحينئذ يتوجه أن تقول : هل هو للوجوب أو للاستحباب ـ انتبهوا ـ الإنسان له حالان :
الحال الأولى : قبل أن يفعل أو يخالف ، فهنا لا تسأل هل هو للاستحباب أو للوجوب ، أو هل النهي للكراهة أو للتحريم ، قل سمعنا وأطعنا .
بعد أن تقع في المخالفة فتترك ما أمر به ، وتفعل ما نهي عنه ، حينئذ استفهم ، لأنه إذا كان الأمر للوجوب لزم ، لزمت التوبة من المخالفة ، وإذا كان لغير الوجوب فهو مستحب ، ولا إثم في تركه ، وكذلك يقال في الكراهة والتحريم .
عليك يا أخي بهذا الأصل ، فإنه نافع لك ويجعل قلبك دائما مستسلم لأوامر الله ورسوله ، دون أن يسأل ويبحث .