تفسير قوله تعالى :" بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج ". حفظ
الشيخ : يقول الله عز وجل : (( قَدْ عَلِمْنا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ )) .
بل هنا للإضراب ، والإضراب نوعان :
إضراب إبطال ، وإضراب انتقال . فما المراد به هنا ؟ إبطال الانتقال ، إضراب الانتقال ، أو إضراب الإبطال ؟
الطالب : الانتقال .
الشيخ : الانتقال ، لأن معنى إضراب الإبطال أن ما بعدها ، يبطل ما قبلها ، ومعنى إضراب الانتقال أن ما بعدها لا يبطل ما قبلها ،ولننظر قال الله تعالى : (( بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ )) (( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها )) (( بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ )) .
الإضراب هنا إيش؟ انتقال ولا إبطال ؟
الطالب : انتقال .
الشيخ : (( ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ )) بُعد ثم انتقل إلى ما هو أعظم (( َبَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها )) ثم انتقل إلى ما هو أعظم (( بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ)) وقال تعالى : (( إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ )) .
الإضراب هنا ؟
الطالب : إبطال .
الشيخ : إبطال ، طيب ، هنا قال الله عز وجل : (( بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ )) هذا إضراب انتقال ، من موضوع إلى آخر (( بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ )) ما الحق الذي جاءهم ؟ ما جاء به النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الوحي ، الكتاب والسنة (( فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ )) ـ انتبه يا أخي ـ فهم الفاء عاطفة تدل على ترتب ما بعدها على ما قبلها ، وأنهم لما كذبوا بالحق لما جاءهم مرج أمرهم ، واضطرب واختلف ولحقهم الشك والارتياب ، أليس كذلك ؟ طيب .
وبه نعلم خطورة ، وبه نعلم خطورة من إذا جاءه الحق تردد فيه ، أن ذلك خطر عظيم ، إذا جاءك الحق فالواجب إيش ؟ أن تستقبله بالقبول والانقياد وألا تتردد ولا تشك ، بل اقبل وهذه الآية (( بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ )) يشبهها قوله تعالى : (( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ )) .
لما لم يؤمنوا به أول مرة قلب الله أفئدتهم وأبصارهم أفئدتهم يعني قلوبهم ، فلا يفقهون الحق ، وأبصارهم فلا يرونه ، ونذرهم في طغيانهم يعمهون ، أي : يترددون في طغيانهم انتبه يا أخي .
إذن احذر أيها المسلم ، إذا سمعت الله يقول أو سمعت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ، بما صح عنه بنقل الثقات ، احذر أن تتردد ، وقد تحدثت من على هذا المنبر بخطورة القول الذين إذا قلت لهم قال الله ورسوله ، أو إذا سمعوا أمر الله ورسوله ، قالوا : هل الأمر للوجوب أو للندب ؟ يا أخي ليش تسأل ؟ هل الصحابة إذا أمرهم الرسول يقول يا رسول الله أتلزمنا أو هو للندب ؟ أبدا يفعلون .
وقلت إن هذا خطير جدا ، وأن الإنسان إذا سمع أمر الله ورسوله فليقل إيش؟ سمعنا واطعنا ، إذا جاء النهي بعض الناس يقول هل النهي للتحريم أو للكراهة ؟ ليش يا أخي ؟ ليش تقول هكذا ؟ نهى الله عن هذا الشيء ، انته عنه ، نهى الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن هذا الشيء ، انته عنه .
ولكني قلت : " إذا تورط الإنسان في المخالفة ، فلم يفعل ما أمر به أو فعل ما نهي عنه حينئذ إيش ؟ يسأل هل الأمر للوجوب ، فيحتاج إلى كفارة ، أو إلى توبة نصوح ، أو للاستحباب فلا يحتاج إلى ذلك "وكذلك يقال في المنهي عنه (( َبَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ )) .