ذكر قصة استشهاد عمر رضي الله عنه . حفظ
الشيخ : عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشهد ، وله قصة عجيبة استشهد وهو قائم يصلي في مسجد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإن أبا لؤلؤة المجوسيَ غلام المغيرة بن شعبة ، كان يتحين الفرص لقتل هذا الخليفة الراشد .
لأن الله أزال ملك الفرس على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فحقدوا عليه ، حقدوا عليه ، فكان هذا الغلام يتحين الفرص ليقتل هذا الرجل الذي أباد ملكهم ، فانتهز الفرصة وأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه قائم يصلي صلاة الفجر ، فطعنه بخنجر له جهتان من أجل أن يتخلص إذا لحلقه الناس ، فكان معه الخنجر فطعن عمر رضي الله عنه ، ولما لحقه الناس جعل يقول في الخنجر كذا وكذا إذا قال كذا إيش ؟ طعن أحدا وإذا قال كذا ؟ طعن أحداً ، فألقى عليه بعض الصحابة بساطا حتى أدركه فقُتل .
أما عمر رضي الله عنه ، فإنه حمل إلى بيته وبقي ثلاثة أيام وتوفي ، لكن له قصة عجيبة كان يقول رضي الله عنه : " اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك " فكان الناس يتعجبون من هذا الدعاء ، كيف يدعو بهذا الدعاء ! استشهاده في سبيل الله ، وموت في بلد رَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
لأن المدينة إذ ذاك بلد آمن ، وليس حوله حروب ، فكيف يدعو هذا الدعاء الذي ظاهره اعتداء في الدعاء ، ولكن الله تعالى قيض له الشهادة في بلد الرسول ، ومات في بلد الرسول رضي الله عنه ، لأنه قتل مظلوما لا من أجل المال ، ولا من أجل الدار ، ولكن من أجل الجهاد في سبيل الله ، فيكون بذلك شهيدا ، لأن هذا الغلام الخبيث ما قتله لأنه عمر بن الخطاب ، قتله لأنه مجاهد بجنوده قد ذل عرش الإمبراطورية الفارسية فأجاب الله دعوته .
قصصت هذه القصة لسبب ، أتاه شاب من الأنصار وهو في بيته مطعونا كما يأتيه الناس يؤبنونه يقولون : إن رسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفي وهو عنك راضي ، ويطمئنونه ويسلونه لكنه رضي الله عنه يقول : " وددت أني أخرج منها - أي من الدنيا - لا علي ولا لي " هذا وهو الذي فتح الفتوحات يخاف على نفسه ، ونحن آمنون نسأل الله ألا يجعلنا ممن أمن مكر الله .
هذا الشاب جاءه مع الناس فلما انصرف ، وإذا إزاره يضرب الأرض فناداه عمر وهو في هذه الحال الحرجة ، وقال له : " يا ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك ، وأبقى لثوبك " الله أكبر ، رضي الله عن عمر أتقى لربك ، وأبقى لثوبك ، أتقى لربك لأنك إذا نزلت الثوب إلى أسفل فهذه معصية لله مجانبة للتقوى ، فإذا رفعته فقد إيش ؟ اتقيت الله ، وأبقى لثوبك لأن الثوب إذا نزل على الأرض أكلته الأرض ، وإذا ارتفع سلم فذكر فيه فائدتين : الفائدة الأولى دينية ، والفائدة الثانية دنيوية .
أعود مرة ثانية ، لحكم إسبال الرجال لثيابهم فأقول : إنه من كبائر الذنوب ، وكبائر الذنوب لا تكفرها الصلاة ، ولا الصدقة ولا الصيام ولا الحج ، كبائر الذنوب لا يكفرها إلا التوبة ، والتوبة أن يقلع الإنسان عن الذنب ، ولا يكفي أن يقول اللهم اغفر لي ، لو قال : اللهم اغفر لي وهو يمارس الذنب ، لكان هذا الدعاء شبيها بالاستهزاء .