تفسير قوله تعالى :" يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون " وذكر بيان حد العورة بالنسبة للذكر والأنثى . حفظ
الشيخ : طيب (( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً )) ماذا قلنا معنى الريش ؟ لباس الزينة ، ثم ذكر الله تعالى نوعا ثالثا من اللباس ، وهو لباس التقوى أي لباس تقوى الله عز وجل ... بطاعة الله تبارك وتعالى ظاهرا وباطنا ، لأنه إذا فعل ذلك فقد توقّى النار بهذا العمل الصالح .
عودة إلى قوله : (( يُوارِي سَوْآتِكُمْ )) ، قلنا السوءات جمع سوأة وهي العورة فما هي العورة ؟ .
نقول : أما بالنسبة للرجال فهي ما بين السرة والركبة ، هذه العورة ، ما بين السرة والركبة ، وهذا باعتبار النظر ، لا باعتبار الصلاة ، الصلاة لها لباس خاص ، لكن باعتبار النظر ، ما بين السرة والركبة ، ولهذا لو دخل علينا ليس عليه إلا إزار ، هل نقول هذا الرجل كشف عورته أو لا ؟ نعم ، لأ ، ليس كاشفا لعورته .
ولهذا جاء في حديث سهل بن سعد ، في : ( قصة المرأة التي وهبت نفسها للرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، امرأة جاءت إلى النَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فقالت : " يَا رَسُولَ اللَّه ِ، إِنِّي وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ " امرأة تجي للرسول تقول : " وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ " يجوز هذا ولا ما يجوز ؟ يجوز .
ولهذا لم ينكر عليها عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، ولكن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لم يكن له بها حاجة ، فلم يقبل الهبة .
لما أطالت القيام ، قام رجل من الصحابة وقَالَ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ، زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ " َ، زوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ ، انظر كيف فقه الصحابة ، ما قال زوجنيها وأطلق ، لاحتمال أن يكون له بها حاجة فقال : " إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ " قال : ـ طيب ـ ويش ؟ " تُصْدِقُهَا " لأنه ما فيه نكاح إلا بصداق ، النكاح بلا صداق ، هو الهبة ، والهبة ممنوعة ، إلا للرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ٌ، قال : " ماذا تُصْدِقُهَا " ؟ .
قال يا رسول الله : " إزاري " قال سهل ، سهل بن سعد راوي الحديث : " ليس عليه رداء " ، الرجل ما عليه رداء ! عليه إزار ، معناه : أن أعلى بدنه ؟ عار قال : " إزاري " قال النَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : " إزارك ؟ إِنْ أَعْطَيْتَهَ إياها بقيت بلا إزار ،! وإن أبقيته عليك بقيت بلا صداق ، ما يمكن ، دور ، ذهب الرجل قال : " ما وجدت " .
قال : "
الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ " خاتم من حديد ، ذهب الرجل ما وجد ، ولا خاتما من حديد ، لأن الرجل فقير قال له : " هَلْ مَعَكَ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ " ؟ قَالَ : " نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وكَذَا " ، قال : ززَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ فَعَلِّمْهَا ")
فزوجه إياها بماذا ؟ بأن يعلمها ما معه من القرآن فتزوجها الرجل .
الشاهد من هذا الحديث هو : أن الرجل عورته بالنسبة للنظر ما بين السرة والركبة .
بقينا المرأة ، المرأة قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لاَ تَنْظُرِ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ ) ولكن المرأة لباسها غير لباس الرجل ، لباس المرأة يكون ساترا ، من كفها في اليد ، إلى كعبها في الرجل ، لا بد من هذا ، لأن هذا لباس نساء الصحابة ، وكما سمعتم قبل قليل أن الله قال : (( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ )) إيش ؟ (( لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ )) ، وهذا يدل دلالة واضحة ، على أن ثياب النساء تكون إلى ، إيش ؟ إلى القدم وهو كذلك ، كما حكى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره ، من أن لباس نساء الصحابة من الكف إلى الكعب .
وأما ما توهمه بعض الناس من رجال أو نساء ، من أن المرأة كالرجل في اللباس ، وأنه كما يجوز للرجل أن يخرج بإزار ، يجوز للمرأة أن تخرج بإزار ، فهذا من أبعد الأقوال ، وأبطل الأقوال أيضا ، نعم المرأة إذا كان عليها ثياب ضافية ، ثم نظرت أختها إلى ثديها ، وهي ترضع طفلها فهذا لا بأس به .
لكن كون نقول إن المرأة يجوز أن تلبس لباسا ، يستر ما بين السرة والركبة ، فهذا قول باطل ، وما علمنا أحدا يستسيغ أن تخرج المرأة ليس عليها إلا ما يستر ما بين السرة والركبة ، إلا الكافرين الذين زين الشيطان لهم الكفر بالله عز وجل .
ولذلك يجب أن نفهم النصوص على مراد الله ورسوله ، لا على أهوائنا ، ـ ولو اتبع ـ يقول الله عز وجل : (( وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ )) نستمر في الآية (( وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ )) .
أي : هذا اللباس الذي أنزله الله من آيات الله ، ولو شاء الله لحرمنا هذا للباس ، ولكنه لرحمته أنزله علينا لعلهم يذكرون ، لعلهم ، الضمير يعود على من ؟ على بني آدم يذكرون يتعظون ، كيف هذا الاتعاظ استمع يا أخي .
لولا هذا اللباس لبقيت العورات بادية ، إذن نحن محتاجون للباس الحسي أنتم معنا ؟ لولا هذا اللباس لبقيت عوراتنا عارية ، إذن نحن محتاجون لهذا اللباس الحسي ، فكما أننا محتاجون لهذا اللباس الحسي فنحن محتاجون للباس المعنوي ما هو ؟ لباس التقوى ، فكأن الله يقول لبني آدم : انتبهوا ، أنتم محتاجون إلى ستر العورات ، العورات الحسية ، فأنتم محتاجون إلى ستر العورات المعنوية من باب أولى .
ولذلك قال بعض الذين يعبرون الرؤيا : " إذا رأيت الرجل في المنام عاريا ، فإنه قليل التقوى لله " قليل التقوى لله ، لأن التقوى لباس ساتر ، وهو خير من اللباس الحسي .
لذلك يجب أن نتذكر ، غير بني آدم لهم ما يستر عوراتهم ، من الريش والصوف والوبر والزعانف وغيرها ، لأنها ليست محتاجة للتذكر ، لكن بني آدم محتاجون للتذكر ، ولذلك ذكرهم الله ـ كما أنكم ـ بما معناه ، كما أنكم محتاجون للباس الحسي فأنتم محتاجون للباس المعنوي .