بيان أن القرآن الكريم كلام الله غير مخلوق والرد على من خالف في ذلك من أهل البدع والضلال . حفظ
الشيخ : لا كلام جبريل ، ولا كلام مُحَمَّد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإنما أضيف إلى جبريل ومحمد باعتبار التبليغ ، أما في الأصل فإنه قول الله عز وجل قول رب العالمين والأدلة في هذا صريحة أصرحها قوله تعالى : (( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ )) يعني : إن أحد من المشركين طلب الجوار يعني الأمان ، فأمنه ، حتى يسمع كلام الله ، وهو إذا سمع كلام الله سوف يتأثر ، ثم أبلغه مأمنه ، ثم رده إلى المكان الذي يأمن فيه ، وهو بلده ، مثلا ، طيب .
نخلص من هذا إلى أن القرآن كلام الله ، وهل هو كلام الله بمعنى أنه قاله في نفسه ، ثم خلق أصواتا سمعها جبريل ، ونقلها إلى محمد ، أو نقول هو كلامه باللفظ والمعنى الثاني ولا الأول ؟ الثاني يتعين لأن القول بالنفس لا يطلق اسم قول إلا مقيدا ، كما قال تعالى : (( وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ )) .
أما إذا أطلق القول فإن المراد به اللفظ ، وعلى هذا فيكون القرآن كلام الله لفظه ومعناه ، طيب ، هل هو مخلوق أو غير مخلوق ؟ ، هل هو مخلوق أو غير مخلوق ؟ أنت توافقهم ولا تفراقهم ؟ غير مخلوق طيب ، إذا قال قائل : هل القرآن شيء ، ولا غير شيء ؟ نعم أسألكم هل القرآن شيء ولا غير شيء ؟ شيء ، (( اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )) إذا يكون القرآن .
الطالب : غير مخلوق .
الشيخ : لالا ، غلط هذا غلط ، ماهو صحيح هذا ، قولك غير مخلوق ، وأنت تقول القرآن شيء ، والله يقول : (( اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )) ثم تقول القرآن غير مخلوق ، ألست تقول إنه شيء ؟ أنت طيب إذا كان شيء ، لماذا لا يدخل في العموم (( اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )) هو يقول كلام الله ، لكن هو مخلوق .
المهم نقول : (( اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )) ، نسأل هذا الذي أورد علينا هذا الإسشكال ، وقال إذا كان القرآن شيئا و (( اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )) ، والنتيجة أن القرآن مخلوق ، نقول له ، هل تقول إن الله شيء ؟ فسيقول نعم قال الله تعالى : (( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ )) .
وقال البخاري رحمه الله على هذه الآية : " فسمى الله نفسه شيئا " إذا كنت تقول : " إن الله شيء " ، يلزمك أن يكون الله خلق نفسه ،! لأن الله قال : (( اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )) .
وعلى هذا فنقول : لا دلالة في هذه الآية على أن القرآن مخلوق ، أو على أن كلام الله مخلوق أبداً ، لأن الكلام صفة المتكلم ولا لأ ؟ الكلام صفة المتكلم ، وإذا كان الذي تكلم بهذا اللفظ هو الخالق ، لزم أن يكون كلامه غير مخلوق ، لأن الخالق غير المخلوق ، فصفات الخالق كلها غير مخلوقة ، كما أنه نفسه عز وجل هو الخالق وانتبهوا .
قال قوم : " إن كلام الله هو المعنى القائم بنفسه " هو المعنى القائم بنفسه ، وليس المسموع ، إنما مسموع أصوات خلقها الله لتعبر عما في نفسه ، وليست كلام الله ، كلام الله هو المعنى القائم بالنفس ، والمسموع أصوات خلقها الله لتعبر عما في نفسه ، انتبهوا يا جماعة .
وقال آخرون : " بل كلام الله هو هذا القرآن المسموع ، لكنه مخلوق من الأصل ، وليس هذا القرآن عبارة عن كلام الله ، بل هو كلام الله إلا أنه مخلوق " هذان قولان مشهوران ومعروفان في كتب أهل العلم .
والفتنة التي جرت على الإمام أحمد رحمه الله هي نفس هذه المسألة ، هل القرآن مخلوق ولا غير مخلوق ؟ فعندنا الآن ثلاثة أقوال :
أولا : " أن القرآن كلام الله باللفظ والمعنى وهو غير مخلوق " . طيب
ثانيا : " أن القرآن مخلوق ، وكلام هو المعنى القائم بنفسه ، لكن خلق أصواتا سمعها جبريل " ، فألقاها إلى الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
القول الثالث : " أن القرآن مخلوق من الأصل كما خلقت السماوات والأرض " .
فما هو القول الصواب ؟ الأول ، والقولان الآخران متفقان في الحقيقة ، لأن كلا منهم أي من القائلين بذلك وبهذا وبذاك ، متفقون على أن ما بين دفتي المصحف مخلوق ، لكن الذين قالوا : " إن الكلام هو المعنى القائم بالنفس " قالوا : " هو عبارة عن كلام الله " ، والآخرون صاروا أشجع منهم قالوا : " هو كلام الله " وأولئك قالوا : " إنه عبارة " وكلا القولين باطل ؟
والصواب أن الله سبحانه وتعالى يتكلم ، نفسه سبحانه وتعالى بكلام مسموع ، سمعه جبريل وألقاه إلى قلب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وسمع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلام الله ، ليلة المعراج وسمع موسى كلام الله حين أوحى إليه ؟
وهذا لا إشكال فيه ، ولولا هذه البدع التي حدثت بعد عصر الصحابة ، أو في آخر عصر الصحابة ، ما كان الإنسان يخطر بباله أن يقال : إن الله لا يتكلم ،! وإنما كلامه هو المعنى القائم بنفسه !وما سمع فإنما هو حروف وأصوات خلقها الله ، لتعبر عما في نفسه .
هذا لا يمكن أن يقوله إنسان على فطرته ، لكن دخلت الأهواء والبدع فانتشر هذا القول ، لكنه قول باطل بلا شك .
وانتشر القول الآخر الذي قال : " إن كل كلام الله مخلوق " ونحن نقول : " كلام الله تعالى صفة من صفاته ، وصفاته تعالى غير مخلوقة " كما أنه هو الخالق ، " وصفة الموصوف كالموصوف " ، فصفة المخلوق مخلوقة ، صفة المخلوق ؟ مخلوقة ،كلامي أنا وكلامك أنت وكلام الثاني والثالث مخلوق ، لأنه صفتي وصفتك وصفة المخلوق مخلوقة ، وصفة الخالق إيش ؟ غير مخلوقة .
هذه عقيدتنا التي نحيا عليها ونموت عليها إن شاء الله تعالى ، ونلقى بها ربنا ، ولا أدري عن هؤلاء المبتدعة الذين قالوا " إن الكلام هو المعنى القائم بالنفس ، وما سمع فهو المخلوق " ،! لا أدري كيف يواجهون الله يوم القيامة ؟ وكذلك الذين قالوا : " إن القرآن مخلوق " لا أدري ماذا يواجهون الله به ، وهو كلامه .
الخلاصة الآن ينسب القرآن إلى الله إيش ؟ ابتداءً وإنشاءً ، وينسب إلى جبريل تبليغا إلى من ؟ إلى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ، وينسب إلى الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيش ؟ تبليغا إلى من ؟ إلى الأمة .
هذا هو عقيدتنا ونسأل الله تعالى أن يحينا عليها وأن يميتنا عليها ، ونسأل الله أن يهدي من ضل عنها إلى الصراط المستقيم ، وإلى هنا ينتهي الكلام على ما سمعنا من الآيات ، وأرجو الله أن ينفع به من سمعه ومن بلغه .