بيان مفاسد التأويل والرد على المقولة المشهورة " طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم " . حفظ
الشيخ : واعلم أن كل من حرف نصاً من الصفات عن ظاهره فقد ارتكب محذورين عظيمين: المحذور الأول : إخراج النص عما أراد الله به ورسوله والثاني: إثبات معنى لا يريده الله ولا رسوله فيكونون قد جنوا على النصوص في الإثبات والنفي في الإثبات حيث أثبتوا معاني لا يدل عليها اللفظ وفي النفي حيث نفوا المعنى الذي يدل عليه اللفظ ولا أدري كيف يقابل الإنسان ربه يوم القيامة إذا سأله عما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم وعما قاله رسوله صلى الله عليه وسلم في ذات الله وصفاته لا أدري كيف يثبت لهم قدم عند محاسبة الله لهم ولهذا أخطأ خطأ عظيما من قال إن "طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم" فإن هذا القول نفسه متناقض كيف تكون أسلم وليست بأعلم ولا أحكم وهل يمكن أن تكون سلامة وحكمة نعم وهل يمكن أن تكون سلامة إلا بعلم وحكمة لا يمكن فالقول هذا متناقض ثم نقول لهم: ما هي طريقة السلف التي تعنونها؟ سيقولون إن طريقة السلف أن يقرؤوا النصوص ولا يتعرضوا لمعناها لأن كثيراً من الناس يفهمون أن طريقة السلف في الأسماء والصفات هي التفويض وأن نفوض المعنى ونقول الله أعلم ولكن هذا إما كذب على السلف وإما جهل بحقيقة ما هم عليه، فالسلف يثبتون المعاني معاني آيات الصفات وأحاديثها لكنهم يفوضون علم الكيفية الكيفية يقولون ما ندري لكن المعنى يعلمون ويثبتونه ولقد قال الإمام مالك في الاستواء : " الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة " فهم إما أن يكونوا جهلوا مذهب السلف وإما أن يكونوا كذبوا على مذهب السلف بل قد قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه الذي لم يؤلف مثله في بابه وهو كتاب * درء تعارض النقل والعقل * المعروف عند الناس اختصاراً العقل والنقل قال : " إن قول المفوضة من شر أقوال أهل البدع والإلحاد " انتبه لكلام الشيخ لأن المفوضة يجعلون القرآن والسنة فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته بمنزلة الحروف الهجائية أو بمنزلة الكلام العربي عند الأعجمي ولا شك أن هذا نقص عظيم في مدلول الكلام لو كان من آدمي فكيف إذا كان من الله ورسوله؟ على كل حال نقول إن الصفات فيما يتعلق بالمماثلة ضل فيها طائفتان: الطائفة الأولى الممثلة والطائفة الثانية المعطلة، ولقد قال ابن القيم في مقدمة كتابه منظومته * النونية * قال: " إن الممثل يعبد صنماً وإن المعطل يعبد عدماً وإن الموحد يعبد إله الأرض والسماء " هذا الثاني مما ينزه الله عنه.