بيان حكم صلاة المنفرد خلف الصف . حفظ
الشيخ : فإن لم يمكن حُمِل على نفي الكمال وعلى هذا فمن ادعى نفي الكمال في المنفي طُولب بالدليل لأن الأصل نفي الوجود أصلا فإن أقام دليلاً على أن المراد نفي الكمال قبلنا قوله وإلا فلا ثم من ادعى أن المراد نفي الصحة قلنا هات الدليل لأن الأصل في النفي أن يكون نفيا لأيش؟ للوجود. هذه قاعدة تنفعك فيما تحكم به من المسائل الفقهية والعقدية وتنفعك أيضا في مقام المجادلة مع الغير فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) ثم وجدنا شخصاً يصلي خلف الصف امتنع أن يكون المراد نفي إيش؟ نفي الوجود لأنه وجد بقي أن نقول هو نفي إيش هو نفي للصحة فإذا ادعى مدعٍ أنه نفي للكمال قلنا هات الدليل مع أن نفي الصحة مؤيد بالتطبيق العملي فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي وحده خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة وبهذا عُلم أن أصح المذاهب في هذه المسألة مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله حيث قال : إن من صلى منفردا خلف الصف فإنه لا صلاة له وعند الأئمة الثلاثة من صلى منفرداً خلف الصف فصلاته ناقصة وليست فاسدة والصواب أنها فاسدة إلا إذا تعذر المَقام إلا إذا تعذر المقام في الصف فحينئذٍ يصح أن يصلي منفرداً كما لو كان الصف تاماً ولم يجد فيه مكانا فإنه يصلي منفردا خلف الصف وتصح صلاته وجه ذلك: القاعدة العامة المأخوذة من الدليل الشرعي وهي: " أنه لا واجب مع عجز " مأخوذة من قوله تعالى: (( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها )) فإن قال قائل: هذا بإمكانه أن يجذب واحداً من الصف ليقوم معه قلنا نعم هذا ممكن حساً لكنه غير ممكن شرعاً لماذا؟ لأنه لو جذبه حتى يقوم معه لزم من ذلك ثلاث مفاسد: المفسدة
الأولى: الاعتداء على هذا المجذوب، لأنه نقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول ولأنه سوف يشوش عليه صلاته ويشغل خاطره
الثانية : أن فيه جناية على الصف، لأن الصف بعد أن كان متراصاً متصلاً بعضه ببعض صار الآن منقطعاً وقد جاء في الحديث ( من قطع صفاً قطعه الله )
الثالث : أن فيه جناية على كل المصلين في هذا الصف لأن كل واحد منهم سوف يتحرك لينضم إلى جاره وحينئذٍ يكون سبباً في تحرك جميع من في الصف إذن يمتنع أن يجذب واحدا ليقوم معه في الصف
فإذا قال قائل : بالإمكان أن يتقدم إلى الإمام فيقف معه قلنا هذا أيضاً غير ممكن لأن المشروع أن الإمام يقوم وحده في مكانه وألا يكون معه أحد إلا عند الضرورة ولا ضرورة هنا ولأننا لو قلنا تقدم وقم مع الإمام فإنه إذا جاء من وراء الإمام سوف يتخطى رقاب الناس وقد رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له : ( اجلس فقد آذيت ) ولأننا إذا قلنا يتقدم إلى الإمام ولنفرض أنه يمكن أن يأتي من جهة القبلة ويدخل مع الباب الذي يدخل معه الإمام فإذا قلنا يقف مع الإمام وجاء آخر وجد الصف تاماً نقول له: تقدم مع الإمام كم صار مع الإمام ؟ اثنان وإذا جاء الثالث قلنا تقدم مع الإمام وهلم جرا حتى يصبح مكان الإمام صفاً كاملاً وهذا منافي للسنة المشروعة
إذن بقي احتمال رابع أن نقول له لا تصل مع الجماعة ما دمت لم تجد مكاناً في الصف صل وحدك وبهذا يفوت على هذا الرجل أجر صلاة الجماعة - قم إي نعم قم اخرج - وبهذا يفوت على الرجل - ترى المرة الثانية ... انتبه - وبهذا يفوت على الرجل أجر صلاة الجماعة وأيما خير أن ينفرد الإنسان عن الجماعة في مكانه أو أن ينفرد عن الجماعة مطلقاً؟ الأول خير ولهذا نقول إذا أتيت والصف تام فقف وراء الصف وصل مع الإمام ولا حرج عليك في هذا وهذا الذي ذكرناه وهو صحة قيام الإنسان منفرداً خلف الصف إذا وجده تاماً هذا التفصيل هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو الذي به تجتمع الأدلة وعليه فنقول المصافة واجبة مع القدرة أما مع العجز فلا تجب أقول إن الناس يفرطون تفريطاً تاماً في صلاة الجنازة فإنهم لا يتصافون تجد الرجل يقف وحده والصف مفتوح تجدهم يعني يتحرجمون ينضم بعضهم إلى بعض من غير مراعاة الصف وهذا غلط وخطأ ولهذا فالأولى ألا يتحرك أحد عن مكانه في الصف إلا الذين يقدمون الجنازة فهذا لا بد أن يتقدموا ونقول لهم صلوا خلف الإمام بينه وبين الصف الأول للحاجة ويكون الإمام وحده أمامهم والجنازة بين يديه .