تفسير قوله تعالى :" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ". حفظ
الشيخ : ولنعُد إلى الكلام على ما سمعناه في قراءة إمامنا صباح هذا اليوم ابتدأ القراءة من قول الله تعالى : (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم )) كلمة قُل خطاب موجه لمن ؟ لمن ؟ للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكونه يوجه إليه خطاب في شيء معين يدل على أهمية هذا الشيء وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم مأمور أن يقول للأمة كل القرآن، كل القرآن قد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبلغه ويقوله للناس لكن تأتي بعض الآيات وبعض الأحكام مصدرة بقل بخصوصها للعناية بها (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم )) أسرفوا أي تجاوزوا الحد إما بالتفريط بترك الواجب، وإما بانتهاك المحرم التفريط بترك الواجب كترك صلاة الجماعة مثلاً انتهاك المحرم كالزنا وشرب الخمر إذن أسرفوا الإسراف هو إيش؟ مجاوزة الحد إما بترك الواجب وإما بفعل المحرم (( لا تقنطوا من رحمة الله )) القنوط أشد اليأس أي لا تيأسوا من رحمة الله عز وجل فإن الله سبحانه وتعالى أكرمُ من عباده إذا تابوا إليه واعلم أن الناس أمام الذنوب ينقسمون إلى ثلاثة أقسام :
الأول : من أمن مكر الله
والثاني : من قنط من رحمة الله
والثالث : من كان بين هذا وهذا
الأقسام ثلاثة الأول: مَن أمِن مكر الله عز وجل بأن كان ينتهك المحارم ويترك الواجبات ولا يبالي والله سبحانه وتعالى ينعم عليه بالنعم مع إقامته على معصية الله فهذا آمن مكر الله هذا الآمن مكر الله يظن أنه رابح ولكنه في الحقيقة خاسر ولهذا قال تعالى : (( أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون )) ولنضرب لهذا مثلاً استمع إليه من كتاب الله قال الله تعالى : (( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ )) - أكمل الآية قم اعتمد تمام - ها اقرأ ، نعم ، اقرأ (( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى )) ما حفظت؟ اجلس
الطالب : ...
الشيخ : أحسنت (( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ )) هم نائمون لا يهتمون بالواجبات ولا بصلاة ليل ولا غير ذلك بل هم مترفون والعياذ بالله آمنون نائمون (( أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ )) بأسنا أي عذابنا ضحى وهم يلعبون إذا لهو في النهار ونوم في الليل (( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ )) لأن من هذه حاله مقيم على معصية الله غافل عن طاعته قد أمِن مكر الله والله سبحانه قد يمكر بالعبد فيغدق عليه النعم مع إقامته على معصيته استدراجاً للإنسان حتى يقع في عذاب الله قال الله تعالى : (( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين )) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته وتلا قوله تعالى : (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد )) ) فلا تغتر بالنعم إذا توالت عليك وأنت مقيم على معصية الله فإن ذلك استدراج من الله لك هذا قسم القسم الثاني : من يقنط من رحمة الله والعياذ بالله ويستبعد أن يغفر الله له ويستبعد أن يقبل الله توبته ويستبعد أن يقبل الله عبادته هذا أيضاً ضال، ضال لم يقدر الله حق قدره قال الله تعالى : (( ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون )) التائهون الجاهلون لا تقنط من رحمة الله كم من إنسان بلغ في الكفر ما بلغ فرحمه الله ومنَّ عليه بالهداية وصار من خيار المؤمنين انظروا إلى أئمة في الكفر من الله عليهم بالإسلام فكانوا أئمة في الإيمان، خالد بن الوليد كان حرباً على الإسلام ولا يخفى علينا جميعاً أو على بعضنا ما حصل منه في غزوة إيش؟
الطالب : أحد
الشيخ : في غزوة أحد، عكرمة بن أبي جهل كذلك كان حرباً على الإسلام وهذان الرجلان الشجاعان صارا من آساد الله عز وجل على الكفار، أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قبل أن يُسلم كان من أعداء الإسلام ولكن الله تعالى منّ عليه حتى صار الخليفة الثاني في هذه الأمة وحتى كان النبي صلى الله عليه وسلم دائماً: ( أتيت أنا وأبو بكر وعمر ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ) حتى صارا أي أبو بكر وعمر حتى صارا صاحبيه في الدنيا وفي الآخرة، لا يوجد أحد من الصحابة كان قبره إلى جنب قبر الرسول عليه الصلاة والسلام إلا ؟ إلا؟
الطالب : أبو بكر وعمر
الشيخ : إلا أبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما فالمهم يا أخي لا تقنط من رحمة الله، لا تقنط من رحمة الله، ولكن أصدق الله عز وجل ييسر الله لك الأمر
القسم الثالث : من كانوا بين ذلك لا يأمنون مكر الله بل يخشون الله ولا يقنطون من رحمة الله وهؤلاء هو الخلص من المؤمنين .