تفسير أواخر سورة الواقعة قوله تعالى:" فلولا إذا بلغت الحلقوم - إلى قوله - ترجعونها إن كنتم صادقين ". حفظ
الشيخ : ثم ذكر أحوال كل قسم وثوابه أما آخرها ففيها ذكر أقسام الناس عند حضور الأجل وذكر الله تعالى أنهم أقسام ثلاثة فقال جلا وعلا : (( فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ )) فلولا بمعنى فهلا إذا بلغت أي الروح الحلقوم أعلى النحر (( وأنتم حينئذٍ )) أي حين بلوغها الحلقوم تنظرون (( ونحن أقرب إليه منكم )) أي بملائكتنا لأن الملائكة تنزل عند حضور الأجل إلى قبض روح الميت إما ملائكة عذاب أجارني الله وإياكم من هذا وإما ملائكة رحمة فيقفون يجلسون منه مد البصر وهو ينظر إليهم ويخاطبون الروح يقولون اخرجي أيها النفس المطمئنة إذا كان من الصالحين جلعني الله وإياكم منهم أو يقولون اخرجي أيتها النفس الخبيثة إذا كان من غير الصالحين فتخرج الروح ولكنها بالنسبة لأرواح المؤمنين تخرج بسهولة كأنها شعرة سلت من عجين لأنها تبشر بالروح والريحان ورضا الرب عز وجل فتخرج منقادة مشفقة على أن تصل إلى هذا النعيم الذي بشرت به أما غير المؤمن فإنه يقال لروحه اخرجي أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى غضب الله وعقابه وحينئذٍ تأبى أن تخرج تتفرق في جسمه فينتزعونها بشدة وفي ذلك يقول الله عز وجل : حتى إذا حضر، حتى إذا جاء أحدكم الموت ، لا وفي ذلك يقول الله عز وجل: (( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ )) فإن قوله أخرجوا انفسكم يدل على أنهم ممسكون بالأنفس شحيحون بها (( الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ )) هنا يقول عز وجل : (( فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها )) يعني هلا ترجعونها إن كنتم غير مجزيين كما تدعون بأنه لا بعث ولا جزاء ولا حساب الجواب : يمكن أن يرجعوها ولا ما يمكن ؟ لا يمكن أبدا مهما بلغت قوة الإنسان فإنه لا يمكن أن يرجع النفس إذا أراد الله تبارك وتعالى أن تخرج.