معنى قوله :" تربت يمينك " وذكر نظائره. حفظ
الشيخ : وفي قوله : ( تربت يمينك ) دليل على أن الدعاء إذا لم يكن مقصوداً وإنما المقصود به الحث والمبالغة في المسارعة إليه فلا بأس به وهذه الجملة وهي قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( تربت يمينك ) لو أخذنا بظاهرها لكان معناها افتقرت لأن الفقير ليس بيده إلا التراب فمعنى تربت يمينك أي افتقرت حتى لا تجدي شيئا تأكلينه وهو على ظاهره لكن الدعاء فيه غير مراد وإنما المراد به إيش ؟ الحث على هذا الشيء مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( تنكح المرأة لأربع : لمالها وحسبها وجمالها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) لا يريد الرسول عليه الصلاة والسلام أن من ظفر بذات الدين واختارها على غيرها يكون مفتقرا أبدا ولكن المراد بذلك إيش ؟ الحث وقال بعض العلماء : " إن هذه الجملة موقوفة على شرط مقدر والمعنى تربت يمينك أو تربت يداك إن لم تفعل " فتكون الجملة وعيدية وليست إغراءً وحثاً لكن المعنى الأول أصح أن المراد بها الحث والإغراء، يقال ترب الرجل إذا افتقر ويقال أترب إذا اغتنى يعني إذا صار غنياً أفهمتم الفرق، الفرق أنه إذا قيل تربت يداك فالمعنى التصقت بالتراب حتى لا تجد إلا تراباً وأما أترب فمعناه اغتنى حتى صار ماله كالتراب من الكثرة فانتبه إذا أردت أن تدعو لشخص بالغنى ماذا تقول ؟ تقول أترب الله يديك وإذا أردت أن تدعو له بالفقر تقول تربت يداك ونظير ذلك من بعض الوجوه شفى وأشفى إذا قلت للمريض شفاك الله فهو دعاء له بالشفاء أن الله يشفيه من المرض وإذا قلت أشفاك الله فهو دعاء عليه بالهلاك انتبه لا تعد مريضاً ثم تقول أشفاك اله وأبلاك إن قلت هكذا فالمعنى إيش؟ أنك تدعو عليه بالهلاك يعني تعجل له بالموت لكن إذا قلت شفاك الله أي أبرأك من المرض وهذا مما يدل على عمق اللغة العربية أن يكون الحرف الواحد في الكلمة يقلب معناها رأساً على عقب نعم.